للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَشِرَائِهِ وَإِجَارَتِهِ وَصُلْحِهِ وَإِبْرَائِهِ مَدْيُونَهُ أَوْ كَفِيلَهُ وَهِبَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِأَحَدِ نَوْعَيْ الْإِكْرَاهِ خُيِّرَ الْفَاعِلُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ مُطْلَقًا بِعَدَمِ الرِّضَا، وَالرِّضَا شَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ فَتَفْسُدُ بِفَوَاتِهِ. . . إلَخْ اهـ.

(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ بَعْلَهَا فِي بَيْعِ دَارِهَا بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَبَاعَ الْوَكِيلُ دَارَهَا مِنْ رَجُلٍ وَتُرِيدُ الْمَرْأَةُ الْآنَ أَخْذَ الدَّارِ وَرَفْعَ يَدِ الرَّجُلِ عَنْهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ فَوَكَّلَ لَمْ يَصِحَّ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَفِي فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي مِنْ الْإِكْرَاهِ سُؤَالٌ تُرْكِيٌّ مَضْمُونُهُ أَنَّ رَجُلًا فَرَّغَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَوْجَتِهِ عَنْ مِشَدِّ مِسْكَةِ أَرْضٍ لَهَا بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَهَا أَخْذُ أَرَاضِيهَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ عَقْدًا لَا يُبْطِلُهُ الْهَزْلُ مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ، وَالْعَتَاقِ جَازَ الْعَقْدُ وَلَا يَبْطُلُ بِالْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ عَقْدًا يُبْطِلُهُ الْهَزْلُ مِثْلَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِشَيْءٍ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ أَوْ لَا يُخَافُ لِأَنَّ التَّرَاضِيَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ، وَالْإِكْرَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْحَبْسِ، وَالضَّرْبِ فَإِنَّهُ يُفَوِّتُ الرِّضَا شَرْحُ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ ثُمَّ قَالَ عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي مَا نَصُّهُ " وَالتَّوْكِيلُ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يُبْطِلُهَا الْهَزْلُ فَلَا يَصِحُّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فَيَكُونُ الزَّوْجُ فُضُولِيًّا فِي فَرَاغِهِ فَلَهَا أَنْ لَا تُجِيزَهُ وَتَأْخُذَ أَرْضَهَا.

(أَقُولُ) يُسْتَثْنَى التَّوْكِيلُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بِصِحَّةٍ مَعَ الْإِكْرَاهِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ خِلَافِهِ فَقِيَاسٌ، وَالِاسْتِحْسَانُ وُقُوعُهُ اهـ. وَكَذَا قَالَ فِي نَهْجِ النَّجَاةِ أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ كَالْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَالْبَحْرِ وَتَبْيِينِ الْكَنْزِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى اعْتِمَادِ الْقِيَاسِ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْلُومَةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَأَوْقَعَ الْوَكِيلُ وَقَعَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْهَزْلِ فَكَذَا مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ وَلَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَهُ فَكَذَا التَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ فَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ اهـ، وَحَاصِلُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ لَمَّا كَانَ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَمْنَعْ انْعِقَادَهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ فَسَادَهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ تُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ حَيْثُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيَنْعَقِدُ بِلَا فَسَادٍ وَمُقْتَضَى هَذَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا اسْتِحْسَانًا.

وَعَلَى هَذَا فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التتارخانية وَفَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَفْسَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَكَذَا التَّوْكِيلُ بِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِلْوَكِيلِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ أَمَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجْرِي عِلَّةُ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى إطْلَاقِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ هَلْ تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ صِحَّتُهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ نَفْسَهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَكَذَا التَّوْكِيلُ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ صَالِحٌ ابْنُ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَقَالَ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ. وَخَالَفَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَقَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ سُكُوتَهُمْ عَنْهُ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا اسْتِحْسَانَ فِيهِ بَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَاسِ اهـ أَيْ فَلَا يَصِحُّ لَكِنَّ الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ نَفْسَهُ ذَكَرَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الثَّلَاثَ تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>