مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ بَلْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْقُمْقُمَةِ، وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهِمَا فَأَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَزْنِيِّ مَثَلًا مَا يُوزَنُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ مَا يَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذَا الشَّيْءُ قَفِيزٌ بِدِرْهَمٍ إنَّمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِثْلِيًّا وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ لَا يَكُونُ مِثْلِيًّا ثُمَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ إمَّا غَيْرُ مَصْنُوعٍ وَإِمَّا مَصْنُوعٌ لَا يَخْتَلِفُ كَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَالْفُلُوسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِثْلِيٌّ إذَا عَرَفْتَ هَذَا عَرَفْت حُكْمَ الْمَذْرُوعَاتِ وَكُلُّ مَا يُقَالُ يُبَاعُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ ذِرَاعٌ بِكَذَا فَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ فَمَا يُوجَدُ لَهُ الْمِثْلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِيِّ وَأَخَوَاتِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا اهـ.
وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمَذْرُوعَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ مِثْلِيٌّ كَثَوْبِ كِرْبَاسٍ نُسِجَ مِنْ غَزْلٍ وَاحِدٍ فَمَنْ أَتْلَفَ ذِرَاعًا مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ ثَوْبٍ آخَرَ نُسِجَ مِنْ ذَلِكَ الْغَزْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يُعْتَدُّ بِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ إذَا كَانَتْ الشُّقَّةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى عِدَّةِ أَثْوَابٍ يَضْمَنُ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِثَوْبٍ آخِرَ مِنْهَا حَيْثُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَثْوَابِهَا نَسْجًا أَوْ غَزْلًا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّغْبَةُ أَوْ الثَّمَنِ حَتَّى يُقَالَ كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِكَذَا كَمَا يُقَالُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ بِكَذَا فَهَذَا مِثْلِيٌّ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ التَّفَاوُتِ لَا عَلَى خُصُوصِ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا وَلِذَا كَانَ الْمَوْزُونُ الْمُخْتَلِفُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِوُجُودِ التَّفَاوُتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ مَا ذَكَرْنَاهُ تَحْتَ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ مَا لَيْسَ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نَحْوَ الدِّبْسِ وَالْقَطْرِ غَيْرُ مِثْلِيٍّ لِتَفَاوُتِهِ بِالصَّنْعَةِ مَعَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ فَكَذَا نَحْوُ الْكِرْبَاسِ (قُلْت) الْمُرَادُ أَنَّ الدِّبْسَ مَثَلًا يَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الطَّبْخُ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا الدِّبْسُ الْمَطْبُوخُ فِي هَذَا الْقِدْرِ أَحْسَنَ مِنْ دِبْسٍ آخَرَ طُبِخَ فِي قِدْرٍ آخَرَ أَمَّا أَجْزَاءُ ذَلِكَ الدِّبْسِ الْوَاحِدِ الْمَطْبُوخِ كُلِّهِ جُمْلَةً فِي قِدْرٍ وَاحِدٍ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ فَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ رَطْلًا مَثَلًا يَضْمَنُهُ بِرَطْلٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ بِعَيْنِهِ إذَا وُجِدَ وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّابُونَ قِيَمِيٌّ لِأَنَّ الدُّهْنَ فِي هَذَا الصَّابُونِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ كَانَا مِنْ دَنٍّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ مِنْ فَتَاوَاهُ عَنْ فَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ فِي الصَّابُونِ قَوْلَيْنِ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فِيهِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُنِيرَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ غِرَاسُ تُوتٍ مُشَاقٍ آجَرَهُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا مِنْهُ وَتَصَرَّفَ زَيْدٌ بِوَرَقِ التُّوتِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ مُحَاسَبَةَ زَيْدٍ عَلَى قِيمَةِ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ الْوَرَقِ وَاقْتِطَاعِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي دَفَعَهَا لِمُورِثِهِمْ وَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ الْمَأْجُورِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَخَذَ فِي سَفَرِهِ مِنْ زَيْدٍ قِرْبَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَتَصَرَّفَ بِهِمَا وَبِمَائِهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فِي مَكَانٍ يَعِزُّ الْمَاءُ فِيهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْقِرْبَتَيْنِ وَمَائِهِمَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا، وَالْمَاءُ قِيَمِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زِبْلُ دَوَابَّ أَخَذَهُ لِإِلْقَائِهِ فِي أَرْضِهِ لِإِصْلَاحِهَا وَاسْتِكْثَارِ رِيعِهَا وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ عَمْرٍو فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو فِيهِ وَأَتْلَفَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ السِّرْقِينَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ زَيْتًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ لِجَمَاعَةٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute