للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّرِيكِ تَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَوْ صَحَّتْ مَعَهُ لَزِمَ مِنْهُ اسْتِئْجَارُ الشَّرِيكِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِئْجَارُ الْعَامِلِ عَلَى حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُسَاقِي وَالْعَامِلِ يَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بَلْ تَبْقَى الثَّمَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا هَذَا وَقَدْ بَحَثْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بَحْثًا مُفِيدًا فِيمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَفَقُّهًا وَنَصُّهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا لَكِنْ الْإِجَارَةُ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ أَجِيرٌ لِرَبِّ الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ وَلَا شُيُوعَ فِي الْعَامِلِ بَلْ الشُّيُوعُ فِي الْأُجْرَةِ فَلَمْ تُوجَدْ هُنَا إجَارَةُ الْمَشَاعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَتَدَبَّرْ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ مَا نَصُّهُ إذَا دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ. اهـ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ كُلَّهُ لِلدَّافِعِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْأَوْلَى بَلْ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ مُشْتَرَكٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ وَثَبَتَ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْمَشَاعِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَاقِي شَرِيكًا أَوْ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ مَعَ الشُّيُوعِ وَلِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الشَّرِيكِ لِلْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَمَا عَلَّلَا بِهِ مَعْلُولٌ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمُعْضِلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

(سُئِلَ) فِي حِصَصٍ مِنْ بَسَاتِينَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ مَعَ غِرَاسِهَا فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ مِنْ نَاظِرِ وَقْفِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْهَا وَبِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَظِيرَ الْعَمَلِ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً شَرْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ أَجَّرَ زَيْدٌ الْمَأْجُورَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ وَتَسَاقَيَا عَلَى حِصَّةِ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ كَالْأُولَى وَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى الْغِرَاسِ حَتَّى أَثْمَرَ بِعَمَلِهِ فِي سَنَةٍ حَتَّى انْقَضَتْ وَمَاتَ عَمْرٌو وَلَمْ يَعْمَلْ زَيْدٌ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ فَلِمَنْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ عَمَلِ عَمْرٍو؟

(الْجَوَابُ) : تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ أَنْ يُسَاقِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا قَالَ فِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ

وَمَا لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ ... وَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لَهُ لَيْسَ يُنْكَرُ

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ دَفَعَ إلَيْهِ مُعَامَلَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ إلَى آخَرَ فَالْخَارِجُ لِمَالِكِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. اهـ.

(أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إذْ هُوَ إيجَابُ الشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَعَمَلُ الثَّانِي غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الثَّانِي بِلَا عَمَلِهِ وَهُوَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِ الْأَخِيرِ فِي أَمْرٍ يُخَالِفُ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الْعَامِلُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ فَلِرَبِّ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ.

وَلِلْأَخِيرِ إنْ ضَمَّنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَنَقَلَهُ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ خَفِيَ عَلَى كَثِيرِينَ.

(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ جَارِيَةٍ الْأَرْضُ فِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَالْغِرَاسُ فِي مُسَاقَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>