للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ الْمَوْتُ فِي حَالِ كَوْنِ الثَّمَرِ نِيئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَمَا نَضِجَ فَقَدْ انْتَهَى الْعَقْدُ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ بُرُوزِهَا وَكَانَ قَدْ عَمِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ أَوْ كُلَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا لَا حُكْمًا وَلَا دِيَانَةً، وَإِنْ قَالُوا فِي الْمُزَارَعَةِ لَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا وَقَدْ كَرَبَ الْعَامِلُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِكِرَابِهِ حُكْمًا إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً فَيُفْتَى بِأَنْ يُوَفِّيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِغَرَرِهِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا شَيْءَ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ بِالْمَوْتِ وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَذْرِ بَطَلَتْ وَلَا شَيْءَ لِكِرَابِهِ. اهـ. وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ كَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالِامْتِنَاعِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بِدُونِ اخْتِيَارٍ. اهـ. وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَالسَّنَةُ الْأُولَى قَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي السِّنِينَ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ فِيهَا أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَلِلْمُزَارِعِ أَنْ يَعْمَلَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ فَيُقْسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ رَبِّهَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِلْأَرْضِ وَيَنْتَقِضُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَارَعَةِ لَكِنْ الْمُسَاقَاةُ أُخْتُهَا وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا وَكَذَا شُرُوطًا تُمْكِنُ هُنَا. اهـ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفِيدَ.

(سُئِلَ) فِي غِرَاسٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ وَغَيْرِهِمَا قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِنْدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهِ فَسَاقَى زَيْدٌ عَلَى حِصَّتِهِ شَرِيكَهُ عَمْرًا الْمَرْقُومَ بِجُزْءٍ مِنْهَا فَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَلَا أَجْرَ لِعَمْرٍو وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمْ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَوْ دَفَعَ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ إلَى شَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ وَلَا أَجْرَ لَهُ إنْ عَمِلَ وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ شَرِيكِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَا يَصِحُّ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِنَفْسِهِ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ جَوَازِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ

(أَقُولُ) وَصَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ أَيْضًا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ كَمَا ذَكَرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَتَبْتُ فِيهِ مَا صُورَتُهُ قَيَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ وَبَذْرٍ مِنْهُمَا تَصِحُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ رَاجِحٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرِكَةِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِالْعَكْسِ. اهـ. .

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا غِرَاسِ كَرْمِ عِنَبٍ فَسَاقَى عَلَيْهِ عَمْرًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَعَمْرٌو غَيْرُ شَرِيكٍ فِي غِرَاسِ الْكَرْمِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُعَلَّلًا مَنْقُولًا عَنْ الْغَزِّيِّ (أَقُولُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَفَقُّهَاتِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ التُّمُرْتَاشِيِّ ذَكَرَهَا فِي فَتَاوَاهُ بَحْثًا حَيْثُ سُئِلَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ بَعْضَ كَرْمِهِ مَشَاعًا مُسَاقَاةً فَهَلْ يَصِحُّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْفَتْوَى فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُجِيزَانِ إجَارَةَ الْمَشَاعِ وَالْمُسَاقَاةُ كَذَلِكَ. اهـ. وَوَقَعَ نَظِيرُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ فَقَالَ لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ هَلْ يَصِحُّ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي الْمَشَاعِ عِنْدَهُمَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَذْهَبُهُمَا فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَشَاعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُؤَلِّفَ يَعْنِي التُّمُرْتَاشِيَّ أَجَابَ بِأَنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَفَقَّهْتُ بِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ اهـ.

كَلَامُ الرَّمْلِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِي الْغِرَاسِ لَا تَصِحُّ أَمَّا مُسَاقَاتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَتَصِحُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغِرَاسُ كُلُّهُ لِوَاحِدٍ فَسَاقَى آخَرَ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُ شَائِعٍ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ تَصِحُّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَكَذَا مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ قَوْلُهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>