للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّ الْكِرَابَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِزَرْعِهَا أَيْ شَقُّهَا وَتَهْيِئَتُهَا لَهُ فَهُوَ وَصْفٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الكردار يَصِحُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَالْكِرْدَارُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ بِكَسْرِ الْكَافِ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسَهُ مِنْ تُرَابٍ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان كَانَ يَمْلِكُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ يَجُوزُ بَيْعُ الكردار وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ وَقْفُ الكردار بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْكِرْدَارُ تُرَابٌ يُكْبَسُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُغْرَسُ فِيهِ الْأَشْجَارُ وَتُبْنَى عَلَيْهِ الْأَبْنِيَةُ وَذَلِكَ التُّرَابُ يُسَمَّى كِبْسًا بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. اهـ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلَائِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لِلْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا الْوَلْوَالِجِيَّةِ عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ، فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا رَهْنُهَا وَلِذَا جَعَلُوهُ الْآنَ فَرَاغًا كَالْوَظَائِفِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. كَلَامُ الْعَلَائِيِّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْكَةَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَأَنَّهَا كِرَابُ الْأَرْضِ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْحِرَاثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الكردار أَيْضًا لَكِنْ الْمَسْكَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تَكُونُ فِي الْأَرَاضِي السَّلِيخَةِ.

وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي تَكُونُ فِي نَحْوِ الْبَسَاتِينِ وَتُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ كَبْسُ الْأَرْضِ وَإِثَارَتُهَا مَعَ عِمَارَةِ الْجُدُرِ الْمُحِيطَةِ بِالْبُسْتَانِ، وَبَيْتٌ فِي دَاخِلِهِ يُسَمَّى خُمًّا وَجُرْنٌ لِمَعْكِ الْمِشْمِشِ، وَقُمَامَةٌ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبُسْتَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ كَآلَاتِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِ الْمُزْدَرَعَاتِ مِنْ أُصُولِ الرَّطْبَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا تُبَاعُ وَتُورَثُ وَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِكَوْنِهَا أَعْيَانًا مُتَقَوِّمَةً لَا مُجَرَّدَ وَصْفٍ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا مَسْكَةً أَنَّ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْقِدَمِيَّةِ لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ أَرْضِهَا مَا دَامَ يَزْرَعُهَا وَيَدْفَعُ إلَى الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا مَا عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ فَلَهُ اسْتِمْسَاكٌ بِهَا مَا دَامَ حَيًّا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَتُورَثُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تُدْفَعُ أَرْضُهَا إلَى ابْنِهِ مَجَّانًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ فَإِلَى بِنْتِهِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا مَا فِي الْقُنْيَةِ وَنَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِقَوْلِهِ يَثْبُتُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْوَقْفِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ بَاعَ حَقَّ قَرَارِهِ فِيهَا جَازَ وَفِي الْهِبَةِ اخْتِلَافٌ وَلَوْ تَرَكَهَا بِالِاخْتِيَارِ تَسْقُطُ قِدَمِيَّتُهُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَعْيَانُ الْمُتَقَوِّمَةُ لَا مُجَرَّدُ الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الكردار أَيْ الْبِنَاءِ وَيُسَمَّى بِخُوَارِزْمَ حَقَّ الْقَرَارِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ.

وَكَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَدَفَعَهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا قَرَارُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعُ الكردار إذَا كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ مِنْ النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ. اهـ. فَالْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا الكردار يُوجَدُ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا فِي الْحَوَانِيتِ وَيُسَمَّى جَدَكًا وَهُوَ مَا يَبْنِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْحَانُوتِ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا يَضَعُهُ فِيهَا مِنْ آلَاتِ الصِّنَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ فِيهَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّينَ لَهُ بِذَلِكَ أَوْ لِمَنْ بَاعَهُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ بِذَلِكَ حَقُّ الْقَرَارِ مَا دَامَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْحَانُوتِ خَالِيَةً عَنْ جَدَكِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنْوَاعَ الْكِرْدَارَاتِ مِنْ كِرْدَار الْحَمَّامِ وَكِرْدَارِ الْعَطَّارِ وَكِرْدَارِ الْكَرْمِ وَكِرْدَارِ كَذَا وَكَذَا وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ كِتَابَتِهَا فِي صَكِّ الْبَيْعِ فَرَاجِعْهَا وَقَدْ يُخَصُّ الْجَدَكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>