أَرْضِ الْجَارِ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا وَتَكُونُ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَدَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ صُعُودًا وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ ٣٢ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَصَمَ جَمَاعَةٌ فِي شِرْبٍ بَيْنَهُمْ فَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهِمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الشِّرْبِ (أَقُولُ) وَهَذَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْكَيْفِيَّةُ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَادِمِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَلَوْ عُلِمَتْ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِبُسْتَانِ وَقْفٍ حَقُّ شِرْبٍ قَدِيمٍ مِنْ نَهْرٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْفَلِ طَوَاحِينُ دَوَرَانُهَا مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ سَقْيُ الْبُسْتَانِ إلَّا بِالسِّكْرِ وَنُظَّارُ وَقْفِهِ مُتَصَرِّفُونَ بِشِرْبِهِ بِالسِّكْرِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ لَا يُعْرَفُ إلَّا هَكَذَا مِنْ الْقَدِيمِ وَالْآنَ قَامَ أَرْبَابُ الطَّوَاحِينِ يُعَارِضُونَ نَاظِرَ وَقْفِ الْبُسْتَانِ بِالسِّكْرِ وَيُرِيدُونَ مَنْعَهُ عَنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ السَّقْيُ بِالسِّكْرِ قَدِيمًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ (صُورَةُ دَعْوَى) وَرَدَتْ مِنْ طَرَفِ مُحَافِظِ الشَّامِ وَحَاكِمِ الشَّرْعِ سَنَةَ ١١٤٦ مَذْكُورٌ فِي وَقْفِ الْأُمَوِيِّ مُصَرِّحٌ فِي الصَّرِيحِ أَنَّهُ فُتُوحٌ غَيْرُ سُدُودٍ وَيَدَّعِي وَاضِعُوا الْيَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مُتَصَرِّفُونَ فِيهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَوُجِدَ تَارِيخُ الصَّرِيحِ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْكَرَ أَهْلُ عَرْبِيلَ وُجُودَ الْمَاصِيَةِ وَقِدَمَهَا وَأَنَّهَا مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا صَادِقُ أَغَا مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ فِي دَعْوَى الْمَاءِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ اُكْتُبُوا لَنَا الْجَوَابَ مُفَصَّلًا.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى حَيْثُ وُجِدَ التَّصَرُّفُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ يُعْمَلُ بِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ التَّصْرِيحِ فِي الصَّرِيحِ بِذَلِكَ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْحُدُوثِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِنَّ تَارِيخَ مُدَّعِي الْقِدَمِ أَسْبَقُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي عَيْنٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ ادَّعَيَاهُ مِلْكًا بَيْنَهُمَا أَوْ مِيرَاثًا أَوْ شِرَاءً مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا.
وَفِي الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي جَمَاعَةِ يَهُودٍ يَجْرِي مَاءُ بَسَاتِينِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَهْرٍ قَدِيمٍ فِي أَرْضٍ بِيَدِهِمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَمْنَعُوا إجْرَاءَ الْمَاءِ مِنْهَا إلَى تِلْكَ الْبَسَاتِينِ هَلْ لَهُمْ ذَلِكَ أَجَابَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْقَدِيمُ وَحْدَهُ الَّذِي لَا يُحْفَظُ إقْرَانُهُ وَرَاءَ هَذَا الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا حَقُّ الْإِجْرَاءِ بِإِثْبَاتِ الْجَرْيِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَيُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي تَصَرُّفِ الْإِمَامِ بِالرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ (تَنْبِيهٌ)
إذَا كَانَ فِعْلُ الْإِمَامِ مَبْنِيًّا عَلَى مَصْلَحَةٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ لَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُ شَرْعًا إلَّا إذَا وَافَقَهَا، فَإِنْ خَالَفَهَا لَا يَنْفُذُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. اهـ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي آخِرِهَا مِنْ بَحْثِ مَا يُحْكَمُ بِهِ الْحَالُ مَا نَصُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ مِيزَابٌ فِي