دَارِ رَجُلٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ ثُبُوتَ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ حَقَّ التَّسْبِيلِ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَانَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي الْمَاءُ إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ. اهـ. وَقَالَ فِي شِرْبِ التَّنْوِيرِ وَتَصِحُّ دَعْوَى الشِّرْبِ بِغَيْرِ أَرْضٍ اسْتِحْسَانًا. اهـ. ثُمَّ أَرْسَلْتُ صُورَةَ الدَّعْوَى وَمَكْتُوبٌ فِيهَا مَا صُورَتُهُ أَبْرَزَ الْمُدَّعُونَ حُجَّةً مُتَعَلِّقَةً بِذَوِي مَاصِيَةٍ مُحْدَثَةٍ وَضَمَّنَهَا فَتْوَى مِنْ أَحْمَدَ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ وَالْحُجَّةُ وَاصِلَةٌ إلَيْكُمْ فَالْمَرْجُوُّ تَمْيِيزُ ذَلِكَ وَكِتَابَةُ الْجَوَابِ
الْجَوَابُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الْحُجَّةِ الْمُرْسَلَةِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي وَلَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَارِيخًا أَصْلًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَمَذْكُورٌ فِيهَا أَنَّ ذَا الْيَدِ أَرَّخَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا أَرَّخَا يَقْضِي بِهَا لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا قَالَ فِي الْبَحْرِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَبْقَ التَّارِيخِ أَرْجَحُ مِنْ الْكُلِّ وَمِثْلُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَأَيْضًا فِي الْحُجَّةِ الْمُرْسَلَةِ الْحَالُ شَاهِدٌ بِالْحُدُوثِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا وَأَنَّهُ وَجَدَ ثُقْبًا مَخْرُوقًا غَيْرَ مُسْتَدِيرٍ وَلَا مُسْتَوٍ وَلَا هُوَ كَفَمِ سَائِرِ الْمَوَاصِي وَأَيْضًا الْمُدَّعِي مُسْتَنِدٌ إلَى كِتَابِ الْوَقْفِ وَأَبْرَزَهُ مِنْ يَدِهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ وَأَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَرْضٌ أَصْلًا يَسْقِي بِهِ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ فَكُلُّ ذَلِكَ شَاهِدٌ بِأَنَّهَا حَادِثَةٌ وَالْفَتْوَى بُنِيَتْ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ مِنْ دُونِ تَارِيخٍ فَفِيهَا خِلَافٌ قَالَ فِي الْحَاوِي لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ وَقَالَ رَامِزًا إلَى بِمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ. اهـ. وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ فِي الْبِنَاءِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ. اهـ. هَذَا مَا تَيَسَّرَ نَقْلُهُ وَظَهَرَ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالسَّلَامُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ إنِّي رَأَيْتُ فَتْوَى مِنْ الْمَرْحُومِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَفَنْدِي الْفَرْفُورِيُّ مُدْرَجَةً فِي حُجَّةِ مُؤَرِّخِهِ فِي خَامِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَة ١٠٧٢ مَضْمُونُهَا فِيمَا إذَا كَانَ سَبِيلُ مَاءٍ مَعْلُومٌ مُسْتَمَدٌّ مِنْ نَهْرٍ مَعْلُومٍ مَفْتُوحًا غَيْرَ مَسْدُودٍ وَفَائِضُ مَاءِ السَّبِيلِ الْمَذْكُورِ يَسْقِي بِهِ أَرَاضِيَ بَسَاتِينَ مَعْلُومَةٍ مِنْ الزَّمَنِ الْقَدِيمِ بِمُوجِبِ تَمَسُّكَاتٍ شَرْعِيَّةٍ وَادَّعَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ أَنَّ مَجْرَى السَّبِيلِ الْمَزْبُورِ مُحْدَثٌ وَسَدُّوهُ وَأَصْحَابُ الْبَسَاتِينِ الْمَزْبُورِ مُدَّعُونَ أَنَّهُ قَدِيمٌ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَيُمْنَعُ أَصْحَابُ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ مِنْ مُعَارَضَةِ أَصْحَابِ الْبَسَاتِينِ الَّتِي تُسْقَى أَرَاضِيهَا مِنْ فَائِضِ مَاءِ السَّبِيلِ الْمَزْبُورِ أَوْ لَا.
الْجَوَابُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَيُمْنَعُ أَصْحَابُ النَّهْرِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ لَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيَبْقَى ذَلِكَ بِيَدِ الْمُدَّعِينَ الْمَزْبُورِينَ الْمُومِي إلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُمْ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عَلَى تَعَارُضِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ وَذَكَرْنَا تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ فِي الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَائِدَةً حَسَنَةً وَهِيَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُجَرَّدِ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ بِدُونِ ذِكْرِ تَارِيخٍ أَمَّا إذَا ذُكِرَ التَّارِيخُ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكِي أَوْ حَقِّي مِنْ سَنَةِ كَذَا وَادَّعَاهُ آخَرُ كَذَلِكَ مِنْ سَنَةِ كَذَا، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَرْجِيحِ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا عَلَى مَا جُزِمَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَنَبَّهْ.
(سُئِلَ) فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَجْرِي عَلَى حَافَّةِ بُيُوتٍ بِصَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ يَسْتَقِي مِنْهُ أَهْلُ الْبُيُوتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَفِي النَّهْرِ الْمَزْبُورِ مَوْضِعٌ مَكْشُوفٌ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ طُولًا وَعَرْضًا يَسْتَقِي مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute