مَوْجُودًا لَا يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدِي هَذَا الْجَوَابُ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي الشِّرْبِ حُكْمَ بَيْعٍ فَاسِدٍ لَا حُكْمَ بَيْعٍ بَاطِلٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الشِّرْبِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ.
وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِ الشِّرْبِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ بَاعَ الشِّرْبَ بِعَبْدٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرْبُ مَحِلًّا لِلْبَيْعِ لَمَا جَازَ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ وَقَبَضَهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ. اهـ. مِنَحُ الْغَفَّارِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ خَاصٍّ بِهِمْ احْتَاجَ الْمَجْرَى إلَى الْكَرْيِ الضَّرُورِيِّ فَكَرَاهُ الْبَعْضُ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَبَى الْبَعْضُ عَنْ ذَلِكَ الْكَرْيِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآبِي بِمَا أَنْفَقَ حَيْثُ كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ فَصْلِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْخَاصُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَرْيُهُ عَلَى أَهْلِهِ لِمَا بَيَّنَّا ثُمَّ قِيلَ يُجْبَرُ الْآبِي وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الضَّرَرَيْنِ خَاصٌّ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ عَنْهُمْ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْآبِي بِمَا أُنْفِقَ فِيهِ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي إلَخْ وَجَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ بِالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَخَّرَهُ مَعَ دَلِيلِهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَتَكَلَّمُوا فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ فَمَا دُونَهَا أَوْ عَلَيْهِ قَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْنَى مَاؤُهُ فِيهَا فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ فَهُوَ نَهْرٌ عَامٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْمِائَةِ فَهُوَ خَاصٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ، وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِينَ فَهُوَ عَامٌّ.
وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّ الْأَقْوَالِ شَاءَ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَمُؤْنَةُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ الْكَائِنِينَ مِنْ أَعْلَاهُ أَيْ أَعْلَى النَّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى إذَا جَاوَزَ أَرْضَ رَجُلٍ مِنْهُمْ تَسْقُطُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ وَقَالَا كَرْيُ النَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ عَلَى الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى يَحْتَاجُ إلَى مَا وَرَاءَ أَرْضِهِ لِيَسِيلَ مَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ لِئَلَّا تَغْرَقَ أَرْضُهُ وَلَهُ أَنَّهُ لِلْحَاجَةِ إلَى سَقْيِ الْأَرْضِ وَلَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَنْ لَهُ حَقُّ تَسْيِيلِ مَاءِ سَطْحِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِاعْتِبَارِ تَسْيِيلِ الْمَاءِ فِيهِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى مَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَ رَجُلٍ مِنْهُمْ بَرِئَ الرَّجُلُ مِنْ الْكَرْيِ لِمَا ذَكَرْنَا. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ، وَإِذَا جَاوَزَ فُوَّهَةَ رَجُلٍ هَلْ تُرْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْضَهُ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا احْتَاجُوا إلَى إصْلَاحِ جَانِبَيْ النَّهْرِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا اُحْتِيجَ إلَى إصْلَاحِهِ فَإِصْلَاحُ أَوَّلِهِ عَلَيْهِمْ إجْمَاعًا، فَإِذَا بَلَغُوا دَارَ رَجُلٍ قِيلَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّهْرِ وَقِيلَ يُرْفَعُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَى مَا وَرَاءَ دَارِهِ بِوَجْهٍ مَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُهَا بِخِلَافِ النَّهْرِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَسْيِيلِ الْمَاءِ إذْ لَوْلَاهُ لَغَرِقَتْ أَرْضُهُ حَالَ كَثْرَةِ الْمَاءِ وَمَنْ جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ وَأَرَادَ فَتْحَ رَأْسِ النَّهْرِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَهُ ذَلِكَ لِزَوَالِ مُؤْنَةِ الْكَرْيِ عَنْهُ وَقَالَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ نَهْرًا عَظِيمًا عَلَيْهِ قُرًى يَشْرَبُونَ مِنْهُ فَبَلَغُوا بِالْكَرْيِ فُوَّهَةَ نَهْرِ قَرْيَةٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ يُرْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ إجْمَاعًا وَعَلَى قِيَاسِ النَّهْرِ الْخَاصِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْفَعَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْكَرْيُ أَرَاضِيَ قَرْيَتِهِمْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى أَوْسَاخٍ يَنْصَبُّ فِيهِ أَوْسَاخُ بُيُوتِ جَمَاعَةٍ مِنْ مَحَلَّاتٍ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ وَاحْتَاجَ إلَى التَّعْزِيلِ فَقَامَ أَهْلُ مَجْرَى أَوْسَاخِ الْأَعْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute