يُكَلِّفُونَ بَعْضَ أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ إلَى تَعْزِيلِهِ مَعَهُمْ مِنْ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ أَوْسَاخٌ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِأَهَالِي مَحَلَّةِ أَوْسَاخٍ الْأَعْلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَاهُنَا فَائِدَةٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَهِيَ أَنَّ نَهْرَ الْأَوْسَاخِ يُخَالِفُ نَهْرَ الشُّرْبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ نَهْرَ الْأَوْسَاخِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَالتَّعْزِيلِ مِنْ أَعْلَاهُ فَكُلَّمَا جَاوَزَ دَارَ رَجُلٍ لَا تُرْفَعُ عَنْهُ الْمُؤْنَةُ بَلْ يُشَارِكُ مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَهَكَذَا كُلَّمَا وَصَلَ التَّعْزِيلُ إلَى دَارِ رَجُلٍ يَدْخُلُ فِي الْمُؤْنَةِ وَيُشَارِكُهُ جَمِيعُ مَنْ قَبْلَهُ حَتَّى يَصِلَ التَّعْزِيلُ إلَى آخِرِ النَّهْرِ فَمَنْ كَانَ فِي أَعْلَى النَّهْرِ كَانَ أَكْثَرَهُمْ كُلْفَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِ إلَى جَمِيعِ النَّهْرِ ثُمَّ دُونَهُ مَنْ تَحْتَهُ وَهَكَذَا فَيَكُونُ الْآخِرُ أَقَلَّهُمْ كُلْفَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِ إلَى مَا بَعْدَ دَارِهِ مِنْ النَّهْرِ وَهُوَ آخِرُ النَّهْرِ دُونَ مَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ نَهْرِ الشُّرْبِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ إنَّمَا يَحْتَاجُ مِنْ النَّهْرِ إلَى مَا قَبْلَ أَرْضِهِ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَرْضِهِ لَمْ يَبْقَ مُحْتَاجًا إلَى شَيْءٍ مِنْ النَّهْرِ مِمَّا بَعْدَ أَرْضِهِ، فَإِذَا جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ تُرْفَعُ عَنْهُ الْمُؤْنَةُ وَيَبْقَى دَاخِلًا فِيهَا جَمِيعُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ ثُمَّ كُلَّمَا جَاوَزَ أَرْضَ رَجُلٍ آخَرَ تُرْفَعُ عَنْهُ وَتَبْقَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَهَكَذَا فَمَنْ كَانَ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ يَكُونُ أَكْثَرَهُمْ كُلْفَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى جَمِيعِ النَّهْرِ ثُمَّ مَنْ فَوْقَهُ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى عَكْسِ نَهْرِ الْأَوْسَاخِ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ صَاحِبَ الشِّرْبِ يَحْتَاجُ إلَى كَرْيِ مَا قَبْلَ أَرْضِهِ لِيَصِلَهُ الْمَاءُ وَصَاحِبُ الْأَوْسَاخِ يَحْتَاجُ إلَى مَا بَعْدَ أَرْضِهِ لِيَذْهَبَ وَسَخُهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَهَالِي مَحَلَّةٍ مَسَاقِيطُ عَلَى نَهْرٍ مُخْتَصٍّ بِجَمَاعَةٍ فَاحْتَاجَ إلَى التَّعْزِيلِ لِكَثْرَةِ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ أَوْسَاخِ الْمَسَاقِيطِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ مُؤْنَةُ تَعْزِيلِ الْأَوْسَاخِ مِنْ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَصْحَابِ الْمَسَاقِيطِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ أَهْلِ النَّهْرِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَحْدَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ مَسَاقِيطَ عَلَى النَّهْرِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ النَّهْرِ الْمَرْقُومِ وَيُطَالِبُ أَهْلُ النَّهْرِ أَصْحَابَ الْمَسَاقِيطِ الْمُحْدَثَةِ بِسَدِّهَا عَنْ النَّهْرِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُمْ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ
(سُئِلَ) فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَمْتَدُّ مِنْ أَعْيُنٍ يَشْرَبُ مِنْهُ أَهَالِي قُرًى بَعْضُهَا مِنْ جِهَةِ أَسْفَلِهِ يَجْرِي لِتِلْكَ الْقُرَى فِي أَنْهُرٍ خَاصَّةٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَفِي بَعْضِ السِّنِينَ يَقِلُّ مَاءُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ فَيَسْكُرُ أَهَالِي الْقُرَى الْعَالِيَةِ مَاءَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى أَنْهُرِهِمْ الْخَاصَّةِ فَيَسْقُوا أَرَاضِيَهُمْ بِحَيْثُ إنَّ الْمَاءَ لَمْ يَبْقَ فِي النَّهْرِ الْكَبِيرِ يَجْرِي إلَى أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ إلَّا قَلِيلًا جِدًّا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى أَهَالِيِ الْقُرَى الَّتِي مِنْ الْأَسْفَلِ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ السِّكْرَ الْمَزْبُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْقُومِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَأَنَّ الْقَدِيمَ يَبْقَى وَيُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ، وَإِنْ خَالَفَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ فَهَلْ لِأَهَالِي الْقُرَى الْأَسَافِلِ أَنْ يُكَلِّفُوا أَهَالِيَ الْقُرَى الْأَعَالِي أَنْ يُزِيلُوا السِّكْرَ لِيَسْقِيَ أَهَالِي الْقُرَى الْأَسَافِلِ أَرَاضِيَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْكُرُوا فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِهِمْ وَرِضَاهُمْ؟
(الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِأَهَالِي الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا الْمَاءَ عَلَى أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُمْ أُمَرَاءُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَرْوَوْا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُعَظَّمُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعًا وَفِعْلُ غَيْرِ الْجَائِزِ مَانِعٌ مِنْ فِعْلِهِ الشَّرْعُ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا فَعَلَهُ أَهَالِي الْأَعْلَى مِنْ السَّكْرِ قَدِيمًا عَلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ وَإِذْنِهِمْ لِأَهْلِ الْأَعْلَى بِالسَّكْرِ عَلَيْهِمْ لَا يَجْرِي عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَا الْمُتَقَدِّمِينَ رِضَا الْمُتَأَخِّرِينَ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ مَنْعُ أَهَالِي الْأَعْلَى مِنْ السَّكْرِ فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ حَتَّى يَسْقِيَ أَهَالِي الْأَسْفَلِ أَرَاضِيِهِمْ، فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِهِمْ حَتَّى يَرْوَوْا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مُفْتِي الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ.
وَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute