للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبُيُوعِ وَفِيهِ حِيَلٌ أُخْرَى فَرَاجِعْهَا.

(أَقُولُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَحْتَالَ لِجَعْلِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ مَا نَصُّهُ قُلْتُ وَفِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ وَلَوْ ادَّانَ زَيْدٌ الْعَشَرَةَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَوْ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ فِي زَمَانِنَا بَعْدَ أَنْ وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ وَفَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَمْتَثِلْ مَاذَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ فَيُتْرَكُ.

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَلْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الرِّبْحِ لِصَاحِبِهِ فَأَجَابَ إنْ حَصَّلَهُ مِنْهُ بِالتَّرَاضِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ. اهـ. مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَقَدْ أَفَادَ وُرُودُ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ وَالْإِفْتَاءِ بِنَاءً عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ بِأَنَّ هُنَاكَ فَتْوَى أُخْرَى بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ إحْدَى عَشَرَةَ وَنِصْفٍ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ اهـ وَكَأَنَّهُ وَرَدَ أَمْرٌ آخَرُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ ثَمَّةَ فَرَاجِعْهُ وَعَلَى فَرْضِ بَقَاءِ حُكْمِ أَمْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى الْآنَ أَوْ وُرُودِ أَمْرٍ جَدِيدٍ بِذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِ زَمَانِنَا أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَصْرِهِ، فَإِنَّمَا يُحْبَسُ الْمُخَالِفُ وَيُعَزَّرُ لِمُخَالَفَتِهِ الْأَمْرَ السُّلْطَانِيَّ لَا لِفَسَادِ الْمُبَايَعَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَبَاعَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ سِلْعَةً بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ تُسَاوِي دِرْهَمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ السُّلْطَانِيَّ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ الْإِلَهِيِّ، وَإِنْ أَثِمَ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ تَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ إذَا عَلِمْتُ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ إنْ حَصَّلَهُ مِنْهُ بِالتَّرَاضِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ يُفِيدُ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ الْمُقْرِضُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ زَائِدًا عَلَى عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ بِلَا رِضَا الْمُسْتَقْرِضِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَوْلُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي أَشَدُّ إشْكَالًا لِمَا عَلِمْتَ، فَإِنَّ بَيْعَ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ صَحِيحًا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنِّي لَمْ أَجِدْ لَهُ جَوَابًا شَافِيًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَرَابَحَهُ عَلَيْهَا إلَى سَنَةٍ ثُمَّ بَعْدَمَا رَابَحَهُ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَاتَ عَمْرٌو الْمَدْيُونُ فَحَلَّ الدَّيْنُ وَدَفَعَهُ الْوَرَثَةُ لِزَيْدٍ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ شَيْءٌ أَوْ لَا؟

(الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْقُنْيَةِ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا قَالَ نَعَمْ كَذَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ وَالتَّنْوِيرِ آخِرَ الْكِتَابِ وَأَفْتَى بِهِ عَلَّامَةُ الرُّومِ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ وَالْحَانُوتِيُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ الْمُرَابَحَةِ إذَا ظَنَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ فَرَابَحُوهُ عَلَيْهَا عِدَّةَ سِنِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَالٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ لَا الْجَوَابُ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ وَأَنَّهَا دَيْنٌ بَاقٍ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا رَبِحُوا بِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُمْ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ دَيْنِ الْمُرَابَحَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ وَهَذَا فِي الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ مَا مَضَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ بِرَمْزِ بخ لِبَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ وَيَبِيعَهُ بِالْمُرَابَحَةِ شَيْئًا حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سِتُّونَ دِينَارًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ. اهـ.

هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (أَقُولُ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يَشْتَرِ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ، فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>