للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي الْخَطَأِ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَوْ نَفْسًا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِيمَا دُونَهَا وَإِنْ بَلَغَ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ (أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ إلَى جَذَعَةٍ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ وَهِيَ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا غَيْرُ، ثُمَّ قَالَ: وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ: مِنْهَا وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرَقِ. اهـ.

قَوْلُهُ وَهِيَ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا غَيْرُ أَيْ لَا يُخَيَّرُ الْقَاتِلُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بَيْنَ دَفْعِ الْوَرَقِ أَوْ الْعَيْنِ أَيْ الذَّهَبِ أَوْ الْإِبِلِ بَلْ اللَّازِمُ عَلَيْهِ الْإِبِلُ وَكَلَامُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى هَذَا وَهُوَ صَرِيحُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ شِبْهِ الْعَمْدِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ. اهـ. فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّغْلِيظِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَخَفَّ فَتَفُوتُ حِكْمَةُ التَّغْلِيظِ نَصًّا فَلْيَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك لِتُحَرِّرَهُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشُّرُنْبُلَالِيّ عَلَى الدُّرَرِ وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ مُخْتَلِفَةُ الْمَفْهُومِ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا كَالْهِدَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ فَمَعْنَى التَّغْلِيظِ أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْجَانِي مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ دَفْعِهَا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْغُرَرِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى التَّغْلِيظِ فِيهَا أَنَّهَا إذَا دُفِعَتْ مِنْ الْإِبِلِ تُدْفَعُ أَرْبَاعًا بِخِلَافِ دِيَةِ الْخَطَأِ، فَإِنَّهَا أَخْمَاسٌ وَهِيَ أَخَفُّ مِنْ الْأَرْبَاعِ.

وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَثْبُتُ التَّغْلِيظُ إلَّا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً، فَإِنْ قَضَى مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تَتَغَلَّظْ. اهـ. وَفِي الْمَجْمَعِ: تَتَغَلَّظُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ، قَالَ شَارِحُهُ: حَتَّى لَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تُغَلَّظْ وَكَذَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَشَرْحِهِ غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَفِي جِنَايَاتِ غَايَةِ الْبَيَانِ: وَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ إذَا فُرِضَتْ الدِّيَةُ فِيهَا فَأَمَّا غَيْرُ الْإِبِلِ فَلَا يُغَلَّظُ فِيهَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُزَادُ فِي الْفِضَّةِ عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ وَلَا فِي الذَّهَبِ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ. اهـ. وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الذَّهَبِ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَلْفُ دِينَارٍ فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ بَلْ تَكُونُ مِنْهُ وَمِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ أَنَّهَا إذَا دُفِعَتْ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِنْ كَانَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَغَلَّظَتْ بِأَنْ تُدْفَعَ أَرْبَاعًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْخَطَأِ فَلَا بَلْ تُدْفَعُ أَخْمَاسًا. وَهَلْ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ لِلْقَاتِلِ أَمْ لِلْقَاضِي؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمَعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ تُفِيدُ الثَّانِيَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَنْ اُتُّهِمَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلِلرَّجُلِ صِغَارٌ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ أَبُو أَبٍ فَعَجَزَ الْجَدُّ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَصَالَحَ وَلِيُّ الصِّغَارِ الْمَذْكُورُ عَنْ إنْكَارٍ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعَ ثُبُوتِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ لِلصِّغَارِ فَهَلْ يَكُونُ الصُّلْحُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَجَابَ: حَيْثُ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً عَلَى وَلَدَيْهَا اللَّذَيْنِ هُمَا أَخَوَا الْمَيِّتِ كَانَ لَهَا الصُّلْحُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ قَالُوا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصُّلْحِ أَنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّيَةِ لَا يَجُوزُ

(أَقُولُ) الظَّاهِرُ حَمْلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ ثَابِتًا أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعِمَادِيُّ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ حَيْثُ قَالَ: الْوَصِيُّ إذَا صَالَحَ عَنْ حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ عَنْ حَقِّ الصَّغِيرِ عَلَى رَجُلٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْمَالِ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَجُوزُ. اهـ. فَجُعِلَ الصُّلْحُ مِنْ الْوَصِيِّ جَائِزًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَازَرُونِيٌّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ.

(سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>