للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَمَدَ إلَى صَبِيٍّ وَضَرَبَهُ بِقَدُومٍ عَلَى أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ مِفْصَلًا مِنْ سَبَّابَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ فِي مَالِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عُشْرُهَا وَمَا فِيهَا مَفَاصِلُ فَفِي أَحَدِهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ وَنِصْفُهَا لَوْ فِيهَا مِفْصَلَانِ تَنْوِيرٌ مِنْ الدِّيَاتِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتُونِ، وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ عِنْدَنَا وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْحَالَيْنِ وَتَكُونُ فِي مَالِهِ فِي فَصْلِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ عِنْدَنَا أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ

(أَقُولُ) الَّذِي فِي التَّنْوِيرِ هَكَذَا: وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهَا فِي مَالِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ قَبْلَ الْعِبَارَةِ الَّتِي نَقَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ مَا نَصُّهُ: عَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمَعْتُوهُ كَالْمَجْنُونِ. اهـ. فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَتَكُونُ فِي مَالِهِ وَقَدْ يُوَفَّقُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ: وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ إنْ بَلَغَ نِصْفَ الْعُشْرِ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَجَمٍ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ دُرَرٌ. اهـ.

فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مِنْ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُمْ لَكِنْ يُنَافِيهِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ فَتَأَمَّلْ: قَالَ الْمُؤَلِّف وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ إذَا وَقَعَ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ إحْضَارِهِ وَلَكِنْ يَحْضُرُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ إحْضَارَ الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى شَرْطٌ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ عَنْهُ وَصِيًّا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْأَطْفَالِ الرُّضَّعِ عِنْدَ الدَّعْوَى. اهـ. أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ الْجِنَايَاتِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ بِحَجَرٍ فَأَصَابَ امْرَأَةً حُرَّةً حَامِلًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا بِسَبَبِ الضَّرْبِ وَكَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَهَلْ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاتِلًا، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ فَفِيهِ دِيَتُهَا وَالْغُرَّةُ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ.

وَفِي الْمِنَحِ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَ غُرَّةٌ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ، فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَمَاتَ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ أَيْ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الضَّارِبِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ آدَمِيًّا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ وَالْجَنِينُ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا. اهـ. قَوْلُهُ عَلَى الضَّارِبِ أَيْ وَتُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الِاخْتِيَارِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ الْعَاقِلَةِ فِي زَمَانِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ وَالْحَانُوتِيُّ؛ لِأَنَّ التَّنَاصُرَ مُنْتَفٍ الْآنَ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَالْبُغْضِ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ وَحَيْثُ لَا قَبِيلَةَ وَلَا تَنَاصُرَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَقَدْ حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ.

وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ صِبْيَانٌ يَلْعَبُونَ بِالرَّمْيِ فَمَرَّتْ بِهِمْ امْرَأَةٌ فَرَمَى صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهُ سَهْمًا فَأَذْهَبَ عَيْنَهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ.

وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ صَبِيٌّ رَمَى سَهْمًا فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى وَالِدِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ، وَإِنَّمَا الْعَاقِلَةُ لِلْعَرَبِ لِلتَّنَاصُرِ، فَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ عَاقِلَةٌ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَجِبُ بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ وَلَا بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ شَيْءٌ. اهـ. أَحْكَامُ الصِّغَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>