للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ بخ انْقَلَبَ فَأْسٌ مِنْ يَدِ قَصَّابٍ كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ فَأَتْلَفَ عُضْوَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ وَهُوَ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ أَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ وَالْعَاقِلَةُ جَاءَتْ فِي الْعَرَبِ وَهُوَ مُخْتَارُ أَبِي جَعْفَرٍ وَبِهِ يُفْتِي الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ مِثْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ بَطَشَ رَجُلٌ امْرَأَةَ غَيْرِهِ فَضَرَبَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَفِي يَدِهَا صَبِيٌّ فَمَاتَ بِذَلِكَ السَّبَبِ يَضْمَنُ الضَّارِبُ دِيَةَ الصَّبِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ وَإِلَّا تَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ كَوَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَتَلِفَ إنْسَانٌ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ فِي التَّسَبُّبِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ صَرَّحَ شَيْخُ شَيْخِنَا الْحَانُوتِيُّ أَنَّ التَّنَاصُرَ مُنْتَفٍ الْآنَ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَالْبُغْضِ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ فَتَنَبَّهْ قُلْت وَحَيْثُ لَا تَنَاصُرَ وَلَا قَبِيلَةَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.

(أَقُولُ) قَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ فَتَاوَاهُ فَنَذْكُرُ عِبَارَتَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِتَوْضِيحِ الْمَقَامِ وَنَصُّهُ: الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهِيَ أَهْلُ الدِّيوَانِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَعَاقِلَتُهُ قَبِيلَتُهُ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَنْ كَانَ عَصَبَةً، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِمَا: وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ نَسَبًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ نَاقِلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْمَشَايِخُ: هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا أَنْسَابَهُمْ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الْعَقْلِ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ أَمَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ الْآنَ قَدْ صَارُوا كَالْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَصَرَّحَ الْمَشَايِخُ أَنَّ التَّنَاصُرَ شَرْطٌ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَاقِلَةُ كُلِّ إنْسَانٍ مَنْ يَتَنَاصَرُ هُوَ بِهِ إنْ مِنْ الدِّيوَانِ فَعَاقِلَتُهُ أَهْلُ دِيوَانِهِ وَالصُّنَّاعُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إنْ كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ بِالدِّيوَانِ وَالصِّنَاعَةِ. اهـ. وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ التَّنَاصُرَ شَرْطٌ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَبُغْضِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ فَتَكُونُ الدِّيَةُ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ فَرْشَتَةَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ وَلَا دِيوَانٌ فَعَاقِلَتُهُ بَيْتُ الْمَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ ثُمَّ إنَّ وُجُوبَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ مُنْتَظِمًا وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي قَالَ فِي الْمُجْتَبَى مَا نَصُّهُ: قُلْت وَفِي زَمَانِنَا بِخُوَارِزْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ يَتَنَاصَرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَشَائِرَ فِيهَا قَدْ وَهَتْ وَرَحْمَةُ التَّنَاصُرِ مِنْ بَيْنِهِمْ قَدْ رُفِعَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ نَعَمْ أَسَامِي أَهْلِهَا مَكْتُوبَةٌ فِي الدِّيوَانِ أُلُوفًا وَمِئَاتٍ لَكِنْ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَجِبَ فِي مَالِهِ. اهـ. وَفِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَيْ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُعْطِي الدِّيَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ مَضْبُوطًا وَإِلَّا أَيْ إلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَى الْجَانِي. اهـ. وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الدِّيَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ وَوَجَبَتْ فِي مَالِهِ فَكَيْفَ تُؤْخَذُ؟ نَصَّ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ النَّاطِفِيِّ أَنَّهُ يُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>