فِي الْمَعِيبِ. وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ: وَعَلَى هَذَا فِي السِّنِّ وَسَائِرِ الْأَطْرَافِ الَّتِي تُقَادُ إذَا كَانَ طَرَفُ الضَّارِبِ وَالْقَاطِعِ مَعِيبًا يَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِ الْمَعِيبِ وَالْأَرْشِ كَامِلًا إلَخْ. اهـ. وَفِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ مَا نَصُّهُ: وَهُوَ أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ فَقَوْلُهُ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهِ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ الِاسْتِدْلَالِ لِمَذْهَبِنَا بِأَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ لَا الْخِيَارُ مَا نَصُّهُ: وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَمَّتَهُ الرُّبَيِّعَ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ اخْتَصَمُوا إلَيْهِ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ وَاجِبًا بِهِ لَخُيِّرَ إذْ مَنْ وَجَبَ لَهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِأَنْ يَخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ هَذَا إذَا كَانَ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ السِّنُّ بِالسِّنِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَبِمَا تَرَكْنَا ذِكْرَهُ خَوْفَ التَّطْوِيلِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ عِنْدَنَا فِي الْعَمْدِ وَلَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بَلْ مُوجِبُهُ الْقَوَدُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَحَ رَجُلٌ آخَرَ ثُمَّ عَفَا الْمَجْرُوحُ عَنْ الْجَارِحِ قَبْلَ مَوْتِهِ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَهَلْ يَكُونُ الْعَفْوُ جَائِزًا؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الدُّرَرِ عَنْ الْمَسْعُودِيَّةِ لَوْ عَفَا الْمَجْرُوحُ أَوْ الْأَوْلِيَاءُ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ جَازَ الْعَفْوُ اسْتِحْسَانًا عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْقَوَدِ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ، فَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَصِحُّ الْعَفْوُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَأَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً، فَإِنْ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ الْعَفْوُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِرَاحَةِ وَذُكِرَ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا صَحَّ أَيْضًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَفْوُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمَجْرُوحِ بِأَنْ كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ وَلَمْ يَصِرْ ذَا فِرَاشٍ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِأَنْ صَارَ ذَا فِرَاشٍ يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ وَتَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الدِّيَةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَنْ الْعَاقِلَةِ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَثُلُثُهُ يَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَثُلُثَاهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ الْعَفْوُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ أَوْ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَوَاءٌ مِنْ جِنَايَاتِ الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا أَنْقِرْوِيٌّ
(أَقُولُ) وَالْفَرْقُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بَيْنَ قَوْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ عَنْ الْقَطْعِ أَنَّ لَفْظَ الْجِنَايَةِ يَشْمَلُ السَّارِيَ مِنْهَا وَغَيْرَهُ فَالْقَتْلُ يُسَمَّى جِنَايَةً بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالْجِرَاحَةِ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ السَّارِيَ مَا لَمْ يَزِدْ قَوْلَهُ: وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَإِذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمَقْطُوعُ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ يَكُونُ عَفْوًا عَنْ الْجُرْحِ وَالْقَطْعِ وَعَنْ الْقَتْلِ إذَا سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَيْهِ، وَإِذَا قَالَ عَفَوْت عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ عَنْ الْقَطْعِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهَا وَعِنْدَهُمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَنَحْوِهَا الْعَفْوُ عَنْ مُوجِبِهَا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ كَالْجِنَايَةِ وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ مِنْ حَدِيدٍ وَثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ بَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute