وَالْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ لَا تَصِحُّ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ الطَّالِبُ لِمَدْيُونِهِ إنْ حَلَفْتَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِخَطَرٍ وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ لِإِخْرَاجِهِ حِينَئِذٍ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ
قَالَ لِمَدْيُونِهِ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الطَّالِبِ لَهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْك لَا يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتِ فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي فَمَاتَتْ كَانَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ. اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ تَصِحُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُهُ وَارِثًا " نَهْرٌ " تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ مَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عِنْدِ قَوْلِهِ، وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ آخَرُ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ.
(أَقُولُ) : وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنَاطَ الْفَرْقِ هُوَ ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُهَا فِي " مِتّ " لَا التَّعْلِيقُ " بِأَنْ " أَوْ " إذَا " وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا ضَمَّ التَّاءَ يَكُونُ تَمْلِيكًا مُعَلَّقًا عَلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُمَلَّكِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِخِلَافِ فَتْحِهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَوْتُ الْمَدْيُونِ لَا الدَّائِنِ الْمُمَلَّكِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إبْرَاءً مُعَلَّقًا، وَالْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَرِ هُنَا الْمَعْدُومُ الْمُتَرَقَّبُ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كَالْمَوْتِ وَمَجِيءِ الْغَدِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ كَقَوْلِهِ لِمَدْيُونِهِ: إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي آخَرِ كِتَابِ الْهِبَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِجَمِيعِ مَالِهِ يُنْفَقُ فِي مَصَالِحِ مَسْجِدٍ كَذَا ثُمَّ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسْجِدِ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوصِي: يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّمْلِيكِ، وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ وَذِكْرُ النَّفَقَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمْرِ بِالصَّرْفِ إلَى مَصَالِحِهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَفْتَى مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنَحٌ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ.
(سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَهَلْ يَكُونُ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْوَصَايَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَهُ دَيْنٌ وَعَيْنٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : لَهُمْ أَخْذُ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذُوا مِنْهُ ثُلُثَهُ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّيْنُ كُلُّهُ كَذَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ لِوَلَدَيْهَا زَيْدٍ وَهِنْدٍ وَلِإِخْوَتِهَا الثَّلَاثَةِ بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُهُ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَلَدَيْهَا الْمَذْكُورَيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً وَلَمْ يُجِيزَا وَصِيَّتَهَا لَهُمْ فَهَلْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْإِخْوَةِ مِنْ الثُّلُثِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ صَحَّتْ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَتَتَوَقَّفُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إنْ أَجَازُوا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي حَتَّى كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَأَوْلَادٌ فَمَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَصَارَ غَالِبُ حَالِهِ الضَّنَا وَلُزُومَ الْفِرَاشِ وَقِيَامَهُ عَنْ تَكَلُّفٍ وَمَشَقَّةٍ فَبَاعَ دَارِهِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ بِثَمَنٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ، وَالْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ؟
(الْجَوَابُ) : الْبَيْعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الزِّيَادَاتِ نَفْسُ الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يَعْنِي فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لَكِنْ إذَا كَانَ فِيهِ غَبْنٌ أَوْ مُحَابَاةٌ يُخَيِّرُ الْوَارِثُ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَإِتْمَامِ قِيمَةِ الْمِثْلِ قَلَّتْ الْمُحَابَاةُ أَوْ كَثُرَتْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
وَأَمَّا إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ