لَهُمْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجَازُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لَا لِحَقِّ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَمْ تَجُزْ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِثُلُثَيْ الْمَالِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا تَصَرُّفَهُ شَرْعًا فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ وَنَقْضُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ لَهُمْ بِهِ وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَتَصِحُّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي غَيْرُ لَازِمَةٍ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَبِالْإِجَازَةِ لَا تَصِيرُ لَازِمَةً مُنْبَرِمَةً فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ بِمَثَابَتِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ يُمْكِنُ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَنْهَا كَأَصْلِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا صَارَتْ لَازِمَةً مُنْبَرِمَةً وَكَذَلِكَ الْإِجَازَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ تَصِيرُ لَازِمَةً وَلِأَنَّ الْإِجَازَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ حَقِيقَةً وَحَقًّا لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحَقًّا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَيْعًا وَوَطْئًا وَاسْتِمْتَاعًا وَاسْتِخْدَامًا وَاسْتِغْلَالًا، وَالْإِجَازَةُ الصَّادِرَةُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَلَا حَقُّ الْمِلْكِ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فَالْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي لَا مِنْ جِهَةِ الْوَارِثِ حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ. اهـ.
، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَذَّبُوهُ جَازَ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي إقْرَارِ الصُّغْرَى (قُلْت) ، وَالْمَسْأَلَةُ بِإِطْلَاقِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَيْنٍ وَصَدَّقَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فِي حَيَاتِهِ بِذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَدْ أَجَابَ عَمِّي نِظَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ لِوَارِثِهِ كَذَلِكَ وَصُورَتُهَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ فَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ الْآخَرُ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ هَلْ يَكْفِي التَّصْدِيقُ الَّذِي كَانَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقٍ آخَرَ أَجَابَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ الْجَدِيدِ وَذَكَرَ قَاضِي ظَهِيرٍ فِي فَتَاوِيهِ الْوَصَايَا التَّصَرُّفَاتِ الْمُفِيدَةَ لِأَحْكَامِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ هَلْ تُعْتَبَرُ فِيهَا إجَازَةُ الْوَارِثِ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا رِوَايَةَ فِيهَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا وَرَضِيَ بِهِ الْوَرَثَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْعَبْدُ لَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ. اهـ.
وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مَرِيضٌ يَصْرِفُ مَالَهُ فِي خَيْرَاتٍ وَوَارِثُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ وَلَوْ أَعْطَى فَقِيرًا شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَاسْتَأْذَنَ الْفَقِيرُ مِنْهُ فَأَذِنَ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ. اهـ. عِمَادِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِمَدْيُونِهِ الْأَجْنَبِيِّ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَمَاتَ الْمُوصِي عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ تَصِحُّ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ حَوَالَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَإِذَا سَلَّطَهُ أَيْ سَلَّطَ الْمُمَلَّكَ غَيْرَ الْمَدْيُونِ عَلَى قَبْضِهِ أَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ فَيَصِحُّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ أَوَاخِرُ كِتَابِ الْهِبَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ.
(سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَمْتِعَةٌ قَالَتْ فِي صِحَّتِهَا لِوَالِدَتِهَا: إنْ مِتّ قَبْلَكِ فَهِيَ لَكِ وَقَالَتْ، وَالِدَتُهَا مِثْلَ ذَلِكَ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ الْآنَ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ هَذِهِ وَصِيَّةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute