وَثَالِثًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ شَرْحِ الْأَصْلِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ لِلنَّفَقَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَصَرَفَ وَصِيُّهُ الْمُخْتَارُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ إذَا حَضَرَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ حَضَرَ مَالُ الْيَتِيمِ وَيُرِيدُ وَصِيُّهُ الرُّجُوعَ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِنَظِيرِ مَا صَرَفَهُ فِي نَفَقَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ غَائِبٌ فَهُوَ أَيْ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ مُتَطَوِّعٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ، وَالْقَبْضِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيَّةً شَرْعِيَّةً عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي لَوَازِمِهِ الضَّرُورِيَّةِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ لَهُ لِتَرْجِعَ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَتْهُ فِي مَالِهِ عِنْدَ حُصُولِهِ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَالٌ بِالْإِرْثِ وَتُرِيدُ الْأُمُّ الرُّجُوعُ فِي مَالِهِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْإِحْكَامَاتِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَأَيْضًا فِيهَا، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ ادَّعَى الْوَصِيُّ أَوْ قَيِّمُ الْوَقْفِ الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِشْهَادِ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ لِأَنْفُسِهِمَا دَيْنًا فَلَا يَسْتَحِقَّانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْبَةَ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّقْلِ، وَفِي أَكْثَرِ الْعِبَارَاتِ أَيْضًا لَمْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ، وَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ حُصُولِ مَالِ الْيَتِيمِ الْآنَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أُمُورُهُ فَمَا فِي وَكَالَةِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ، وَالْمَالُ غَائِبٌ مَعْنَاهُ غَيْرُ حَاصِلٍ الْآنَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ.
(أَقُولُ) رَأَيْت هُنَا عَلَى هَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ فِي آخَرِ الْجَوَابِ. اهـ. مَا رَأَيْته لَكِنْ التَّعْلِيلُ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَرْجِعُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْهُ فَعَدَمُ رُجُوعِ الْأَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ الْوَصِيِّ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّظَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى خُصُوصِ مَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ فِيهِ هِيَ الْأُمُّ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَرِدُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهِ الْفَرْقِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ عَقِبَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ وَإِلَّا لَا. اهـ. أَيْ وَلَوْ شَرَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِوَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ لَكِنْ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ فِيمَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْمَالِ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا رُجُوعَ فَهَذَا يُرْشِدُك إلَى أَنَّ رُجُوعَ الْأَبِ هُنَا عِنْدَ الْإِشْهَادِ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْأَبِ فَقَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَشْهَدَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَيَرْجِعُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ كَالْكِسْوَةِ، وَالطَّعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ، وَالْحَانُوتِ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ " وَلَوْ أَنْفَقَ وَصِيُّ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يُطَالِبُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَكَذَا الْأَبُ لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. اهـ. وَكَتَبَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute