للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ فِي مَسَائِلَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. اهـ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ رَجَعَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَإِلَّا فَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ وَهَلَاكُهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَمَنْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ الْعَاجِزِ، وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ وَعَلَى ذَلِكَ مَدَارُ عَامَّةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ لِلرُّجُوعِ فِيهِ قَوْلَانِ وَنَقَلَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ حَتَّى فِي الْخَانِيَّةِ مَرَّةً ذَكَرَ أَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ وَمَرَّةً ذَكَرَ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ أَنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ اسْتِحْسَانٌ وَذَكَرَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ أَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ لَا الدِّيَانَةِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ ذَكَرْت مَا نَصُّهُ " قُلْت فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالثَّانِيَ اشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ فِي الْأَبِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ الْوَصِيُّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبِ مِنْ شَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأَوْلَادِ لِلْبِرِّ، وَالصِّلَةِ لَا لِلرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْإِشْهَادِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ اسْتِحْسَانٌ.

وَالثَّانِيَ قِيَاسٌ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقَضَاءِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ التَّحْرِيرَاتِ الْمُفِيدَةَ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِنِسْوَةٍ وَيَتِيمَيْنِ وَأُمِّهِمَا وَالْوَصِيِّ عَلَيْهِمَا دَارٌ احْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ فَأَذِنَتْ النِّسْوَةُ وَأُمُّ الْيَتِيمَيْنِ بِالْأَصَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ عَلَيْهِمَا لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا، وَالصَّرْفِ عَلَى ذَلِكَ، وَالرُّجُوعِ بِنَظِيرِ مَا سَيَصْرِفُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَجِهَةَ الْيَتِيمَيْنِ حَيْثُ لَا مَالَ حَاصِلٌ لَهُمَا يُصْرَفُ فِي ذَلِكَ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ حِصَّتِهِمَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّعْمِيرِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ كَمَا ذَكَرَ وَصَرَفَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْآذِنَاتِ، وَالْيَتِيمَيْنِ وَحَصَلَ لِلْيَتِيمَيْنِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أُمِّهِمَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَوَصِيِّ الْيَتِيمَيْنِ لِتَدْفَعَ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَقَالَ أَمَرَنِي الْوَصِيُّ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْوَصِيُّ صُدِّقَ الرَّجُلُ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ.

وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ أَرَادَ الْوَصِيُّ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ وَإِلَّا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهِ، وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّ الرَّفْعَ هُوَ الْأَحْوَطُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ لِبُعْدِ الْحَاكِمِ فَيَسْتَدِينُ بِدُونِ الْأَمْرِ وَقِيلَ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ بِدُونِ الرَّفْعِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْقُرُوضِ، وَفِيهِ ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَالْمُحِيطِ الْوَصِيُّ لَوْ اسْتَدَانَ لِأَجَلِ الْيَتِيمِ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إجْمَاعًا، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى اسْتَقْرَضَ الْأَبُ لِصَغِيرِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاضِ. اهـ. وَمَسْأَلَةُ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا مُخْتَارَةً مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْهَا الصِّغَارِ فَمَرِضَتْ وَفَوَّضَتْ أَمْرَ الْوِصَايَةِ لِزَيْدِ ابْنِ عَمِّهَا الْأَمِينِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَوْلَادِهَا الْمَذْكُورِينَ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهَا وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَقَامَ عَمُّ الْأَوْلَادِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْوِصَايَةِ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ وَوَصِيِّ الْوَصِيِّ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ فِي مَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>