شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ شَرِيفٍ مِقْدَارًا مِنْ الشَّمْعِ الْعَسَلِيِّ لِيُوقَدَ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاسْتِصْبَاحِ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارٌ قَلِيلٌ، وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّافِعِ فَأَخَذَهُ الْإِمَامُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْبَحْثِ الثَّانِي مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا مَا فِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ بَعَثَ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْمُؤَذِّنَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ نَهْيٌ صَرِيحٌ مِنْ الدَّافِعِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالثُّلُثِ وَمَا دُونَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسَامِحُ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ تَأَمَّلْ وَبَقِيَ هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الشَّمْعُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ زَمَنُ الْوَاقِفِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِهِ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا سَأَلْنَا عَنْهَا فِي شَمْعِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ لَهُ وَقْفٌ مُرَتَّبٌ خَاصٌّ بِهِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى الْجَامِعِ يَأْخُذُ الْفَاضِلَ فِي آخِرِ السَّنَةِ لَكِنْ الَّذِي يَبْقَى شَيْءٌ كَثِيرٌ لَهُ قِيمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ثُمَّ تَذَكَّرْت أَنِّي قَدَّمْت عَنْ الْمُؤَلِّفِ سُؤَالًا فِي ذَلِكَ ذَكَرْته فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَصَرَّفَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِأَخْذِ بَاقِي الشَّمْعِ وَرَضِيَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَأَفْتَى الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْآنَ مِنْ أَخْذِهِ وَاسْتَدَلَّ بِعِبَارَةِ الْقُنْيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ الْقَدِيمُ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَعَدَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنْ يُعْطِيَهُ غِلَالَ أَرْضِهِ الْفُلَانِيَّةِ فَاسْتَغَلَّهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ الْمَزْبُورِ؟
(الْجَوَابُ) : لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِوَعْدِهِ شَرْعًا وَإِنْ وَفَّى فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ وَتَفْصِيلُهَا فِي حَوَاشِيهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَيَخْتَلِي بِهَا مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا فِي مَصَالِحِهَا وَيَمْنَعُهُ أَبُوهَا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ، وَفِيمَا إذْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا زَوَّجَ زَيْدٌ بِنْتَهُ مِنْ عَمْرٍو تَزْوِيجًا شَرْعِيًّا وَلِزَيْدٍ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ هِيَ أُمُّ الْبِنْتِ الْمَزْبُورَةِ وَلَهُ جِوَارٌ فَهَلْ يَجُوزُ لِعَمْرٍو الْمَرْقُومِ النَّظَرُ إلَى الْمَذْكُورَاتِ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؟
(الْجَوَابُ) : يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْمَحَارِمِ وَكُلِّ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّتِهَا إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالْعَضُدِ وَحُكْمُ أَمَةِ غَيْرِهِ فِي النَّظَرِ حُكْمُ مَحَارِمِهِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوَاضِعَ الزِّينَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الشَّهْوَةَ لَا يَنْظُرُ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ هَلْ يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ رِضَاعًا إلَى وَجْهِهَا وَرَأْسِهَا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا؟
(الْجَوَابُ) : لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ كَالرَّضَاعِ إلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ، وَالسَّاقِ، وَالْعَضُدِ بِشَرْطِ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ فَمَنْ قَصَرَ نَظَرَهُ عَلَى الرِّجْلِ فَقَدْ قَصَّرَ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ فَصْلٍ فِي النَّظَرِ مِنْ بَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً أُخْرَى لِلتَّسَرِّي فَزَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ) : إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نِكَاحًا وَوَطْئًا بِمِلْكِ يَمِينٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٣] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -