للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي التَّسَرِّي بِهِمَا عَلَى مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ بِيرِيٌّ زَادَهْ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِمَا نَصُّهُ " خُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ زَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَقْرَبُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي مُؤَذِّنِ جَامِعٍ يُؤَذِّنُ فِي مَنَارَتِهِ وَيُبَلِّغُ لِإِمَامِهِ فِي صَلَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُتَعَمِّمٌ بِشَدٍّ مِنْ حَرِيرٍ عَلَى رَأْسِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ؟

(الْجَوَابُ) : يَحْرُمُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ قَالَ «لَقِيَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا فِي الْعِيدِ وَالْوُفُودِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك قُلْتُ إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وَأَرْسَلْت إلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَك» . اهـ. الْإِسْتَبْرَقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ الدِّيبَاجِ وَالدِّيبَاجُ الثِّيَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ عَيْنِيٌّ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ جَمَاعَةٍ عِدَّةَ آلَاتٍ مُعَدَّةً لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ يُسَمُّونَهَا بِالْمَنَاقِلِ وَالطَّابِ وَالدَّكِّ لِأَجَلِ اللَّعِبِ بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِينَ وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَنَافِعُ الْمَأْجُورِ يُعَارِضُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِينَ بِنَظِيرِ الْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ لَهُمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ، وَالْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ، وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِ كَسْرِ آلَةِ اللَّهْوِ وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

قَالَ فِي الْكَافِي لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ فَبَطَلَ تَقَوُّمُهَا كَالْخَمْرِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ. اهـ. وَالْإِجَارَةُ، وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا كَاسْتِئْجَارِ الْإِنْسَانِ لِلَّعِبِ وَاللَّهْوِ وَكَاسْتِئْجَارِ الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ لِلْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ بِخِلَافِ الِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةِ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ عَنْهُ نَفْسُ الْغِنَاءِ، وَالنَّوْحِ لَا كِتَابَتُهُمَا بَدَائِعُ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْإِمَاءِ لِلزِّنَا لِأَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ شِئْت أَفْرَدْت لِجِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَرْطًا وَخَرَّجْتهَا عَلَيْهِ فَقُلْت: وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ. اهـ.

(سُئِلَ) الْعَلَّامَةُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ عَنْ السَّمَاعِ بِمَا صُورَتُهُ فِيمَا إذَا سَمِعَ مِنْ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ كَالْيَرَاعِ وَغَيْرِهِ وَمَا لِذَلِكَ شَبِيهٌ هَلْ ذَلِكَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرِيعَةِ، وَالْحَقِيقَةِ وَهَلْ لِذَلِكَ سَبِيلٌ وَإِلَى سَمَاعِهِ طَرِيقَةٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) الْمَوْلَى الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الرَّحِيمِ الْغَفُورِ: قَدْ حَرَّمَهُ مَنْ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ مَقَالِهِ وَأَبَاحَهُ مَنْ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ لِقُوَّةِ حَالِهِ فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا مِنْ نُورِ الْمَعْرِفَةِ فَلْيَتَقَدَّمْ وَإِلَّا فَرُجُوعُهُ عَمَّا نَهَاهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ عَنْهُ أَحْكَمُ وَأَسْلَمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ الشَّرِيفِ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ الْمُنْلَا مُصْلِحُ الدِّينِ اللَّارِيُّ الْعَالِمُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُقِيمٌ بِحَلَبِ عَنْ جَوَازِ جَمْعِ الدُّفِّ، وَالشَّبَّابَةِ، وَالسَّمَاعِ

(فَأَجَابَ) أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُبَاحٌ فَاجْتِمَاعُهَا أَيْضًا مُبَاحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>