ولا نزاع في إباحة ما يؤمن معه الموت، كما أنه لا نزاع في تحريم ما زاد على الشبع، لانتفاء الاضطرار المبيح إذا، وفي الشبع روايتان أنصهما - وهي ظاهر كلام الخرقي، واختيار عامة الأصحاب -: ليس له ذلك، لأن الله سبحانه حرم الميتة أولا، ثم أباح ما اضطررنا إليه بقوله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ}[البقرة: ١٧٣] ، وفي آية أخرى {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩] ، ومع أمن الموت لا اضطرار، ويؤيده ذلك قوله سبحانه:{غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ}[البقرة: ١٧٣] ، أي: ولا عاد سد لجوعه.
(والثانية) - وهي اختيار أبي بكر فيما حكاه عنه الشيخ وغيره، والذي رأيته في التنبيه ظاهره الرواية الأولى -: له ذلك.
٣٥٦٦ - لما روى جابر بن سمرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن رجلا نزل الحرة ومعه أهله وولده، فقال رجل: إن ناقة لي ضلت، فإن وجدتها فأمسكها. فوجدها فلم يجد صاحبها، فمرضت فقالت امرأته: انحرها. فأبى، فنفقت، فقالت: اسلخها حتى نقدد حتى شحمها ولحمها ونأكله. فقال: حتى أسأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأتاه فسأله فقال: «هل عندك غنى يغنيك؟» قال: لا. قال:«فكلوه» . قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر، فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك.» رواه أبو داود، فأطلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأكل، ولم يقيده بما يسد الرمق.