وفرق أبو محمد بين ما إذا كانت الضرورة مستمرة - كحال الأعرابي - فيجوز له الشبع، اتباعا لإطلاق الحديث، إذ لو اقتصر على سد الرمق عادت الضرورة إليه عن قرب، وأفضى إلى ضعف بدنه، وربما أدى ذلك إلى تلفه، وبين ما إذا لم تكن مستمرة فلا يجوز له الشبع، لانتفاء المحذور المتقدم، وعملا بمقتضى الآية.
إذا تقرر هذا، فمعنى الاضطرار أنه متى ترك الأكل خاف التلف.
قال أحمد: إذا كان يخشى على نفسه، سواء كان من جوع، أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي، وانقطع عن الرفقة فهلك، أو يعجز عن الركوب فيهلك. ومقتضى هذا أنه يجوز له الشبع إذا كان سد الرمق يقطعه عن الرفقة، أو يعجزه عن الركوب (فيهلك) ، وهو مقتضى كلام الخرقي، وظاهر الآية الكريمة، لأنه والحال هذه مضطر.
ولم يفرق الخرقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - بين الحاضر والمسافر، وهو كذلك، اعتمادا على ظاهر الآية، ولأن الاضطرار قد يكون في الحضر في سنة المجاعة.
(وعن أحمد) أنه قال: أكل الميتة إنما يكون في السفر. قال أبو محمد: يعني أنه في الحضر يمكنه السؤال. قال: وهذا من أحمد خرج مخرج