ولأبي محمد في المقنع احتمال بجواز أكل طعام الغير، بشرط أن لا تقبل نفسه الميتة، وبه جزم في الكافي لأنه والحال هذه عليه ضرر في أكل الميتة، وإنه منفي شرعا.
قال: فإن لم يصب إلا طعاما لم يبعه مالكه أخذه منه قهرا، ليحيي به نفسه، وأعطاه ثمنه، إلا أن يكون بصاحبه مثل ضرورته.
ش: إذا لم يجد المضطر إلى طعام الغير فلا يخلو إما أن يكون صاحبه مضطرا إليه أيضا أو لا، فإن كان صاحبه مضطرا إليه فهو أحق به، وليس لأحد أخذه منه، لمساواتهما في الضرورة، ويرجح المالك بالملك، وقد أشار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ذلك حيث قال:«ابدأ بنفسك» . وإن لم يكن مضطرا إليه لزمه أن يبذل للمضطر ما يسد رمقه على المذهب، أو قدر شبعه على رواية بقيمته، لما فيه من إحياء نفس آدمي معصوم، أشبه بذلك منافعه في إنجائه من الغرق ونحو ذلك، فإن امتنع من ذلك فللمضطر أن يأخذ منه ما يسد رمقه أو قدر شبعه ولو قهرا، حتى لو قتل صاحب الطعام فهو هدر، ولو قتل المضطر ضمنه صاحب الطعام، لأنه والحال هذه مستحق له دون مالكه، ويلزمه عوض ما أخذ، فإن كان معه في الحال وإلا لزمه في ذمته.