وقول الخرقي: فإن لم يصب إلا طعاما لم يبعه مالكه، إلى آخره، ظاهره أنه لو وجد ميتة وطعاما وامتنع صاحبه من بذله له ببيع أو غيره لم يجز له أخذه منه قهرا، وهو كذلك، لأنه لم يتعين طريقا لإحياء نفسه. (وقوله) : لم يبعه مالكه أخذه قهرا، مقتضاه أنه لو باعه له لم يكن له أخذه منه قهرا وهو واضح، وفي معنى ذلك إذا بذله له مجانا.
وكلام الخرقي يشمل ما إذا باعه له بأكثر من ثمن المثل، وهو مختار أبي محمد في المغني، وجوز القاضي والحال هذه أخذه قهرا وقتاله عليه، وعلى كلا القولين لا يلزمه أكثر من ثمن مثله، لأنه صار مستحقا له بذلك. (ثم قول الخرقي) : لم يبعه. يريد البيع الشرعي، فلو امتنع المالك من البيع إلا بعقد ربا كان للمضطر أخذه قهرا، على ظاهر كلام الخرقي، ونص عليه بعض الأصحاب، معللا بأن عقد الربا محظور لا تبيحه الضرورة، والمقاتلة والحال هذه طريق أباحه الشرع، نعم إن لم يقدر على قهره دخل في العقد ملافظة وعزم على أن لا يتم عقد الربا، بل إن كان نسأ عزم على أن العوض الثابت في الذمة يكون قرضا، وقال بعض المتأخرين: لو قيل: إن له أن يظهر معه صورة الربا ولا يقاتله، بل يكون بمنزلة المكره فيعطيه من عقد الربا صورته لا حقيقته لكان أقوى.