مِن قِسْم الإنْشاءِ في البَلاغَةِ.
قوْله تَعالَى: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}: يعْنِي أنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ اتَّبعُوا أهْواءَهُم بِغَيْر علْمٍ مُستَحِقُّونَ للعْذَابِ، ولَنْ يَجِدُوا أحَدًا ينْصُرهُمْ مِنْه، أيْ يمنَعُه مِنَ العَذابِ.
قوْله تَعالَى: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}: النَّفْي هُنا مؤكَّدٌ بِـ (مِن) الزّائدَةِ الدَّاخلَةِ عَلَى قوْلِه تَعالَى: {نَاصِرِينَ}، وأصلُ الكَلامِ: ومَا لهُمْ نَاصِرُونَ.
وهَل (مَا) هُنا حِجازِّيةٌ أوْ عرَبِيَّةٌ؟
الجوابُ: عرَبِيَّةٌ لاخْتِلافِ التَّرتيبِ؛ لأَنَّ خبَرها قُدِّمَ، ولَا تكُونُ حجازِيَّةً إِلا إِذا كانَتْ مُرتَّبةً، الاسمُ قبْلَ الخَبَرِ، والحجَازِيُّ معْنَاه الَّذي يخْتَصُّ بِه الحجَازِيُّونَ، والعَرَبِيُّ الَّذي يكُون للحِجَازِيِّين والتَّمِيميِّينَ.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائِدَةُ الأولَى: : أنَّ المشْرِكينَ وغيْرَهُم مِن الَّذِين ظلَمُوا أنْفُسَهُم إنَّما اتَّبعُوا أهواءَهُم، أمَّا العَقْلُ مَا استَعْمَلُوه، ولكِن مجرَّدُ هَوًى، ولَوِ اتَّبعُوا العُقُولَ مَا خالَفُوا المنْقُول.
الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: جَوازُ نفْيِ الصِّفَةِ عمَّن لا ينتفِعُ بِها؛ لقوْلِه تَعالَى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
الفائِدَةُ الثَّالثةُ: أنَّ الأُمُورَ كلَّها - الهدايَةَ والضَّلالَ والصَّلاحَ والفَسادَ - بيَدِ الله؛ لقوْلِه تَعالَى: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}.
الفائِدَةُ الرابعةُ: لفْتُ انْتِبَاهِ الإِنْسانِ إِلَى سُؤالِ الهدَايَةِ مِن رَبِّه دَائِمًا؛ لقوْلِه تَعالَى: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}، إِذا عَلِمْت أنَّه لَا أحَدَ يهْدِي مَنْ أضَلَّ الله فَإِلى مَنْ تلْجَأُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute