للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ١٢٧]، قَالَ أهْلُ العِلْم: إنَّ انْتِصارَهُم هَذَا يُؤدّي إِلَى أنْ يتشَجَّعُوا عَلَى مُحَارَبَةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى تكُونَ نهايَتُهم أنْ يُقْطَع طرَفٌ منْهُم.

وعَلَى كُلِّ حَالٍ: حقيقَةُ هَذا الظُّهورِ عَلَى المُسْلِمينَ ليْسَ نصْرًا لهَؤُلاءِ، ولكِنْ مِن أجْلِ الاسْتِدْراجِ بالنِّسبَةِ لهم، والابْتِلاءُ والامْتِحانُ بالنِّسبَةِ للمُؤْمِنينِ لمخَالفَتِهم؛ لقَوْلِه تَعالَى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ١٥٢]، يعْنِي: بعْدَ مَا أَراكُم مَا تُحِبّون حصَل مَا تكْرَهُونَ.

الفائِدَةُ السابعةُ: الحثّ عَلَى طلَبِ العِلْم والعَمَلِ بِه؛ لقوْلِه تَعالَى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ}.

وهَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ما ذَهَبت إِلَيْهِ الجبرَّيةُ؛ لقوْلِه تَعالَى: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}؟

قُلْنَا: ليْس فِيه دَلِيلٌ؛ لأَنَّ إضْلَالَ الله لَهُم كانَ بِسَبَبِهم، فيكُونونَ هُم السَّبب بِدَليل أنَّه قَال: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ}، فكَانُوا هُم الظَّالمِينَ أوَّلًا، فأُضِلّوا والعِيَاذُ بِاللهِ.

الفائِدَةُ الثّامِنةُ: الرّدُّ عَلَى القدَرِّيةِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}، فنَسَب الله تَعالَى الإِضْلالَ إِلَيْهِ، والَّذي يضِلّ هُم هَؤُلاءِ الَّذِين حقَّتْ علَيْهِم الضّلالةُ، فدَلَّ هَذَا عَلَى أنَّ فِعْل العَبْد بتقْدِير الله وخَلْقِه.

فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هَذا مُشْكِلٌ أنْ تَقُولوا أنَّه هُو بِخَلْق الله وهُو فعْلُ الإِنْسَانِ، وهَل يُمْكِنُ أنْ يكُونَ الشّيءُ الواحِدُ مفْعُولًا لفاعِلَيْن؟

<<  <   >  >>