قوْله تَعالَى:{فَرِحُونَ}: خَبَرُ {كُلُّ}. وقالَ رَحَمَهُ اللهُ:[مَسْرُورُونَ]، لكن هَذا الفَرَحُ إنما وصفهم الله عَزَّ وَجَلَّ به لأَنَّ مَنْ فَرِحَ بشيء لازَمَهُ، ولكنَّهُ فَرَحٌ مذمومٌ لأَنَّهُ فرحٌ بِباطلٍ، والفَرَحُ بالباطلِ لا شَكَّ أنَّه باطلٌ، لكنْ لو فَرِحُوا بما عندهُم من الحقِّ لَكَان فرحًا مسرورًا؛ لقوْلِه تَعالَى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: ٥٨]، فالفرحُ لا يُذَمّ من حيْثُ هو فرح، ولكنه يُذَمُّ من حيْثُ مُتَعَلِّقه فإن كان فرحًا بباطلٍ فهو مذمومٌ، وإن كان فرحًا بحقٍّ فهو محمودٌ، أمَّا الأَشَرُ والبَطر الَّذي يَنتجُ عن الفرح فَهَذَا مذمومٌ بكلِّ حَالٍ، حتى لو كان فرحُ الإنسانِ بحقٍّ وأدَّاهُ ذَلِك الفرحُ إِلَى الأَشَرِ والبَطَرِ، مثل أنْ يفرحَ بما أعطاهُ الله من المالِ والبنينَ لكِنَّهُ - وَالعياذُ بِاللهِ - يتخذُ من هَذا وسيلةً إِلَى العُلُوِّ والاسْتِكْبَارِ، فإنَّ ذَلِك فَرَحٌ مذمومٌ لِنَتيجَتِه لا لِذَاتِه.