وعَلَى كُلِّ حَالٍ: فقد حاولَ بعضُ العُلَماء أن يَعُدَّ الفِرَقَ، حاولوا أن يَعُدُّوها فقسموا بحسبِ أصولِ البِدَعِ إِلَى خمسةِ أقسامٍ، ثمَّ فرَّقوا هَذِهِ الأقسامَ حتى أوصلوها إِلَى اثنتينِ وسبعينَ فرقةً، ولكن المسألةَ فيها نظرٌ؛ لأننا لا ندري هَذِهِ الفِرَقَ. فإِلَى الآن لم تَقُم القيامةُ، وقد توجد فِرَقٌ لم توجد الآن تنتسبُ إِلَى الإسْلام وهي بعيدةٌ منه.
الفائِدَةُ التاسعةُ: أنَّ التَّفرق في الدِّين مُشابَهةٌ للمُشْرِكِينَ، فأولئك الَّذِينَ يتفرقونَ في دِينِهم من أجْل مسائلَ بسيطةٍ من فروعِ الدِّين القليلة أيضًا، هَؤُلاءِ فيهم شَبَهٌ من المُشْرِكِينَ تجد بعض النّاس يعادي صاحبَه أو أخاهُ من أجل أنَّه لا يطبِّق سُنّةً يراها، وَهَذا التّارك لها لا يراها، هَذا خطأ؛ لأنَّهُ تقدَّمَ أنَّه يجب عَلَى الإنسانِ أَلا يجعلَ الخلافَ المبنيَّ عَلَى الاجتهادِ سببًا للنزاعِ والبغضاءِ والتَّفَرُّقِ، بل العاقلُ يرى أن مَنْ خالَفه من أجلِ قيام الدَّليل عنده فهو في الحقيقةِ موافقٌ له؛ لأَنَّ السَّبيل والمِنْهاجَ واحدٌ، كلنا نمشي عَلَى الدَّليل.
إِذَنْ: فأنْتَ مُوافِقٌ لي والمنتهى واحدٌ، وإنِ اختلفَت الطُّرُقُ.
الفائِدَةُ العاشرة: أنَّ أحزابَ المُشْرِكِينَ مستمسِكونَ بما هم علَيْه؛ لقوْلِه تَعالَى:{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
الفائِدَةُ الحادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ أولئك الَّذِين أُوتوا شيئًا من العلومِ العصرية وفَرِحوا ورَفَعوا رؤوسَهم فِيهِم شَبَهٌ من المُشْرِكِينَ؛ لأَنَّ هنا أناسًا - والعياذُ باللهِ - أُوتوا شيئًا من العلوم العصريةِ فاحتقروا الدِّين واحتقروا العلوم الشَّرعية، وصاروا فرحين بما أوتوا فضلُّوا، قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[غافر: ٨٣]، تجدُ الواحدَ منهم إذا أدركَ مسألةً من