{أَذَاقَهُمْ} يعني أصابتهم الرَّحمة حتى يتحقَّقوها كما يتحققُ الإنسانُ الطَّعامَ في فمِه، وَهذا عبَّر بالإِذَاقَةِ، وإن كان هَذا لا يُذاق لأَنَّهُ لا يدخل في الفم لكن لِتَحَقُّقِ إصابتِه صار كالشَّيء الَّذي يُؤكلُ فَيُذاقُ.
وقوْله تَعالَى:{مِنْهُ رَحْمَةً}: المراد بالرَّحمة ما يقابل الضُّر، {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ}{ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً} فمثلًا إذا كان الجدبُ فالمرادُ بالرَّحمة المطرُ والخِصْبُ، وإذا كان مرضًا فالمرادُ بها الشِّفاءُ، وإذا كان فقرًا فالمرادُ بها الغِنى، فالمُهِمُّ: أنَّه يُقابل بالضُّرَّ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ:{أَذَاقَهُمْ} أَلا يدل اللفظ عَلَى عدمِ الاستمرار، يعني مجرد وقت قليل، أذاقهم الرَّحمة فنكَصُوا؟ وهذا مفهومٌ مِنْ قوْلِه تَعالَى:{إِذَا فَرِيقٌ}، لأَنَّ {إِذَا} فُجَائية.
وقوْله تَعالَى:{إِذَا}: فُجَائية، وهي حرف مع أنَّ {إِذَا} الشَّرطية اسم؛ لأَنَّ {إِذَا} الشّرطية نابَت مَنابَ اسمِ الشَّرط، وأما {إِذَا} الفجائية فنابت مَناب الفاء، والفاءُ حرفٌ.