للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذاتِه فَهُوَ خيرٌ لغيرِه إِذَا كَانَ الشَّرُّ خيرًا لغيره صارَ بِهَذا خيرًا، فالجدْبُ والقَحْطُ والجوْفُ وما أشبَه ذَلِكَ خيرٌ لانهُ يؤدي إِلَى خيرٍ كما قالَ الله تَعالَى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} لماذا؟ {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١].

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَا وَرَدَ من إضافةِ الإضلالِ إِلَى الله فِي مثلِ قوْله تَعالَى: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ} [الأنعام: ٣٩]، كيف نُجيبُ عليه؟

قُلْنَا: إضافةُ الإضلالِ إِلَيْهِ يعني لِكَمالِ تَصَرُّفِهِ وَلهذا قُرِنَ بالهدايةِ لبيانِ كمالِ التَّصَرُّفِ، فالمقصودُ بَيانُ كمالِ التَّصرُّفِ وليسَ معناهُ إرادةَ الشَّرّ المَحْضِ، ثمَّ إنَّ إضلالَ الله له فِي الغالبِ كما قَالَ تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، فيكونُ هَذَا من بابِ العدْلِ فِي حقّ هَذَا الرَّجلِ.

الفائِدَةُ الرابعةُ: أنَّ السُّوءَ لا يَنَالُ النَّاسَ إِلَّا بأعمالهِم؛ لقوْلِه تَعالَى: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}.

سؤالٌ: هل هَذَا يشملُ السُّوءَ فِي الأمورِ الدِّينيةِ والأمورِ الدُّنيوية أو فِي الأمورِ الدُّنيويةِ فقط؟

والجواب: فيهما جميعًا فالجَدْبُ والقَحْطُ بسببِ الأعمالِ السَّيئة والمعاصي كَذَلِكَ: فزيْغُ القلبِ بسببِ المعاصي {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}.

إِذَن: المصائبُ الدّينيةُ والدُّنيويةُ كلُّها بسببِ أعمالنَا نحنُ فلو اسْتَقَمْنَا استقامَتْ لنا الأمورُ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: ٢٩] , انظر {فُرْقَانًا}.

<<  <   >  >>