للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تبعٌ لَهُ، وقد سبق أن وجه ذَلِك أن الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - هُوَ زعيمُ أمته فَوُجِّه الخطاب إِلَيْهِ وإن كَانَ شاملًا أو أنَّه خاصٌّ بِهِ وتكون أمته تبع لَهُ عَلَى سبيل التّأسِّي به.

قوْله تَعالَى: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ}: {ذَلِكَ} المُشارُ إِلَيْهِ إيتاء ذي القربى حقه والمِسْكِين وابن السّبيل.

قوْله تَعالَى: {خَيْرٌ} كلمة خير هُنَا هل يراد بِهَا التّفضيلُ أو أنَّها اسم وليست بتفضيل؟ قلنا فيما سبق أن خيرًا وشرًّا تستعملان اسمَيْ تفضيل وتستعملان اسمًا مجردًا عن التّفضيل كما فِي قوْله تَعالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨]، هُنَا لَيْسَ المُرَادُ بِهَا التّفضيلَ كَذَلِكَ هُنَا قَالَ {ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} الظّاهر أنَّه لا يراد بِهَا التّفضيل وأن المُرَاد أن هَذَا خير ضد الشّر، لكِنَّهُ قُيِّدَ بقوْله تَعالَى: {لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} وَهَذا دليل عَلَى الإِخْلاص يعني خيرًا للمخلصين الَّذِين يريدون وجه الله، أمَّا غيرُ المخلص فإِنَّهُ لَيْسَ خيرًا لَهُ لكن هل هُوَ خير للمخلص؟ قَالَ الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤]، فجعل الله تَعالَى ذَلِك خيرًا مطلقًا ثمَّ قَالَ: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ١١٤]، فجعل هَذَا الشّيء خيرًا مطلقًا لما فِيهِ من النّفع المتعدي ولَكِنَّهُ لا يَكُون خيرًا للفاعل إِلَّا بالنّية؛ بنيةِ الإِخْلاصِ وأظنُّ أن هَذَا ظاهرٌ، لو أنَّك تصدقْتَ عَلَى شخصٍ بدراهمَ أو بثوب يلبَسُه انتفعَ، أما أنت فقد تنتفعُ وقد تنضرُّ وقد لا تنتفع ولا تنضر، فإن فعلتَ ذَلِك رياءً انضرَرْتَ، وإن فعلته إخلاصًا انتفعتَ وإن فعلته مجرد سجية وطبيعة فإنك لا تنتفع وَلهذا قَالَ هُنَا {لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} فنقول: لا يَكُون خيرًا إِلَّا للذين يريدون وجه الله هَذَا بالنّسبة للمعطي، أمَّا بالنّسبة للمُعطى فَهُوَ خير لَهُ حتى لو يعطي كافرٌ شخصًا مالًا

<<  <   >  >>