للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: وجوب إيتاء هَؤُلاءِ حقهم؛ تؤخذ من الأمرِ فِي قوْله تَعالَى: {فَآتِ} والأصلُ فِي الأمرِ الوجوبُ.

الفائِدَةُ الثَّالثةُ: أنَّ الأقربَ فالأقربَ أحقُّ؛ تؤخذ مِنْ قوْلِه تَعالَى: {ذَا الْقُرْبَى}.

لكن كَيْفَ الأخذ؟

الأخذ: هُوَ أن لدينا قاعدة سبق أنْ قَرَّرناها وَهِيَ أن الحكمَ إِذَا عُلِّقَ عَلَى وَصْفٍ فكلما كَانَ أكثر فِي هَذَا الوصف فَهُوَ أحقُّ إِذَا عُلِّقَ الحكمُ عَلَى وصف فكلما كَانَ هَذَا الوصفُ أشدَّ تمَكُّنًا فِي شيءٍ فَهُوَ أَحَقُّ به، فمثلًا إذَا قُلْتَ: (أَدِّبِ العَاصِي)، عُلِّقَ التّأديبُ بالعصيانِ، فيقتضي هذا أن كل من كَانَ أشَدَّ معصيةً كَانَ أَشَدَّ تأديبًا، وَإِذَا قلنا: (أَكْرِمِ المُؤْمِنَ) صَارَ معنى ذَلِكَ: أنَّ كلَّ من كَانَ أقوى إيمانًا صَارَ أحقَّ بالإكرامِ، قوْله تَعالَى: {ذَا الْقُرْبَى} عُلِّقَ الحقُّ بالقرابةِ، فكلما كَانَ أقربَ كَانَ أحقَّ بالإيتاءِ، وهذهِ القاعدةُ مفيدةٌ لطالبِ العِلْمِ أنه إِذَا عُلِّقَ الحُكْمُ عَلَى وصفٍ، قَوِيَ ذَلِك الحكم بقوة ذَلِك الوصف؛ نظرًا لأَنَّ تعليقَه بالوصف يفيد علِّيته وهذه أيضًا قاعدة ثانية: (أَنَّ تَعْلِيقَ الحُكْمِ بِالوَصْفِ يُفيدُ أَنَّ ذَلِكَ الوَصْفَ عِلَّةٌ)، فمثلًا تقول أكرمِ المُؤْمِنَ لماذا؟ لإيمانِه، أدِّبِ الفاسقَ لفسقِه {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: ٦٤]، معناه لإفسادِهم وهكذا.

فنَقُول: إن تعليقَ الحكمِ بالوصفِ يدلُّ عَلَى عِلِّية ذَلِك الوصف، وأنه عِلَّةُ الحُكْمِ، وبناء عَلَى هَذِهِ القاعدةِ تأتي القاعدةُ الأولى أيضًا.

الفائِدَةُ الرابعةُ: أنَّ كل من كَانَ أحقَّ بالإحسَانِ فَهُوَ أولى به؛ لأَنَّ المِسْكِينَ أحقُّ بالإحسَانِ من الغني، وابنَ السّبيل المسافر المنقطع بِهِ سفره أحقُّ من غيره.

<<  <   >  >>