الفائدتان الخامسة والسّادسة: أن النَّفْعَ المتعدي خيرٌ فِي نفسه.
وهل هُوَ خير للفاعل؟
نعم، هُوَ خير للفاعل بشرط، فَهُوَ خير فِي نفسه وإن لم ينتفع بِهِ الفاعل.
ويتفرع عَلَى هَذَا أن مَا يبذله الكفَّار من منافع للمسلمين هِيَ خير للمسلمين، لا نقول هَذِهِ صدرت من كافرٍ فليست بخير وليس فيها خيرٌ.
مثلًا لو أن أحدًا من الكفَّار أصلحَ طريقًا من الطّرق، من هَذِهِ الشّركات الكافرة فيكونُ فِي هَذَا الإصلاح خيرٌ لا شك، لكن لَيْسَ خيرا لهم إنما هُوَ خير لغيرهم.
الفائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنه كلما كَانَ العمل أخْلَصَ للهِ كَانَ أكثرَ خيرًا للفاعل نأخذ هَذَا الحكم من القاعدة الَّتِي مرت بأن هَذَا الحكم عُلِّق بعلة {لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ}؛ لأن اسم الموصول مَعَ صلته كاسم الفاعل تمامًا، فيكون خيرًا للذين يريدون.
إِذَنْ: فكلما كَانَ الإنسانُ أخلصَ فِي إرادة وجه الله كَانَ أكثرَ خيرًا له.
الفائِدَةُ التَّاسِعَةُ: إثْبَات الوجه لله؛ لقوْلِه تَعالَى:{وَجْهَ اللَّهِ} ووجه الله عز وجل قَالَ أهل العِلْم: أنه من الصّفات الخبرية لأَنَّ عِنْدَهُم من الصّفاتِ مَا هِيَ خبرية محضةٌ، فيعبرونَ عنها بالخبرية؛ لئلا يقعوا فِي المحذور فلا يقُولونَ إِنَّها بعضيَّة مثلًا أو جزئيَّة لأَنَّ التّبعُّض والتّجزئة فِي ذات الله عز وجل محرمٌ إطلاقًا، فالوجهُ واليدُ والعين والسّاق والقدم كل هَذِهِ يُعَبَّرُ عنها بالصّفاتِ الخبريةِ، لكنَّ السّمعَ والعِلْمَ والقُدْرَةَ والحياة تُسمى صفاتٍ معنويةً: صفات معانٍ، والفرقُ بَيْنَ الصّفات المعنوية والخبرية