للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوْله تَعالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ} يعني أعطيتم {مِنْ زَكَاةٍ}: (مِن) حرف جر وَهِيَ بيانية بَيان لـ (ما) فِي قوْله تَعالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ}، و (ما) هُنَا إعرابها شرطية بدليل قوْله تَعالَى: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} فارتبطت (الفاء) فِي الجواب يعني ومهما آتيتم من زكاة بِهَذا القيد تريدونَ وجهَ الله {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ}.

وقوْله تَعالَى: {مِنْ زَكَاةٍ}، قَالَ المُفَسِّر: [صَدَقَة]، وفي هَذَا القيد نظر إن قصد بِهَا صدقة التّطوع أمَّا إن قصد بِهَا الصّدقة مطلقًا فنعَمْ لأَنَّ الصّدقة تُطلق عَلَى الواجب والمستحب والدّليل عَلَى إطلاقها عَلَى الواجب قوْله تَعالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠]، فَهَذَا للواجبِ والمستحب.

إِذَنْ نَقُول: {مِنْ زَكَاةٍ} المُرَاد بِهَا الزّكاة الواجبة.

فبالمَعْنَى الأول كَيْفَ نحوِّلها إِلَى صدقةٍ عَلَى أن المُرَاد بِهَا التَّطوعُ؟

والصّواب: أن المُرَاد بالزّكاة هِيَ الزّكاة الواجبة لأنَّهَا مرادة عند الإطلاق، {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، المُرَاد الواجب، إِذَنْ: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ} أي من صدقة واجبة.

لَوْ قَالَ قَائِل: الزّكاةُ فُرِضَتْ بالمدينة وهذه السُّورة مكِّية؟

قُلْنَا: هَذِهِ لا تدُلُّ عَلَى الفرض، وَإنَّمَا تدُلُّ عَلَى الأجر فقط، مَعَ أن الصّحيح أن الزّكاة مفروضةٌ بمكةَ لكن تقديرها وتقدير أنصِبَائِها هُوَ الَّذي كَانَ فِي المدينة هَذَا هُوَ الصّحيح.

قوْله تَعالَى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} يعني تريدونَ بهذه الزّكاة الَّتِي آتيتم، تريدون وجهَ الله، هَذِهِ جملة شرط للثواب والأجر أن يريد الإنسان

<<  <   >  >>