للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجه الله؛ لأَنَّ مَنْ لا يريدُ وجه الله إمَّا أن يريد وجه غيره أو أن لا يريد شَيْئًا، إِذَا أراد وجهَ غيره فليس لَهُ أجر بل علَيْه وِزْرٌ لأَنهُ مُراءٍ مشْرِكٌ فلا تقبل مِنْهُ، وإن لم يُرِدْ وجه الله ولا غيره لكِنَّهُ أراد إبْراءَ ذِمته فقط كما هُوَ حال غالب من يؤدي الزّكاة بل - الله يعاملنا بعفوه - غالِب من يؤدي حتى الصّلاة، أكثر النَّاس عندما يأتي إِلَى الصّلاة تجده يريد إبراء ذمته لا يشعر بأن هَذِهِ الصّلاة تقربه إِلَى الله عز وجل ويريد القرب بِهَا إِلَى الله هَذا، فغالب النَّاس - إلا من وفق وصار ينتبه عند فعل الطّاعات بإرادة وجه الله وَهُوَ الإِخْلاص واتباع الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذِهِ العبادة لا يُراد وجهُ الله ولا يراد وجه غيره، وَإنَّمَا أراد بِهَا إبراء ذمته تنفعه بلا شك وتبرأ بِهَا ذِمتُه وربما يُؤجر لقيامه بركن من أركان الإسْلام، بل يقينًا يُؤجر لكن ربما يُؤجر أيضًا بكونه يشعر أن هَذِهِ مما أوجب الله علَيْه فيؤديه؛ لأَنَّ هَذَا لا شك أنه تَعَبُّدٌ لله يعني فَعَلَه تَعَبُّدًا لكنْ كونُه يريد بِذَلِكَ وجه الله والتّقرب إِلَيْهِ هَذِهِ حالة أعلى من كونه يريد مجرَّد إبراء ذمته.

قال المُفَسِّر رَحَمَهُ الله: [قوْله تَعالَى: {تُرِيدُونَ} بِهَا {وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} ثَوابَهُمْ بِمَا أَرَادُوهُ].

قوْله تَعالَى: {وَجْهَ اللَّهِ} المُفَسِّر لم يفسِّرْها هنا، لكِنَّهُ فسرها فِي الآية الَّتِي قبلها بأنها ثوابه والصّواب أن المُرَادَ بوجه الله ذات وجه الله لا ثوابه وفيه إشارة كما سبق إِلَى رؤية المؤْمِنينَ ربهم.

وقوْله تَعالَى: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} جوابُ الشَّرط، {وهُمُ} ضمير فصل، {الْمُضْعِفُونَ} خبر (أولئك) ومعنى {الْمُضْعِفُونَ} أي الحاصلونَ عَلَى التَّضعيفِ لأَنَّ الفعلَ الثُّلاثي إِذَا دخلت علَيْه الهمزة فقد يراد بِهِ الدُّخول فِي الشّيء مثل قولهم: (أنجد) أي دخل نجدًا فمعنى (أضعف) هُنَا أي صَارَ من ذوي الأضعافِ، والأضعافُ

<<  <   >  >>