وقوْله تَعالَى:{مِنْ ذَلِكُمْ} المُشار إِلَيْهِ الخلق والرّزق والإحياء والإماتة، فعلى هَذَا يَكُون الجواب عن كونه مفردًا مذكرًا مَعَ أن السّابق أربعة أشْيَاء: جمع، يُقَال لأنَّهُ أُوّلَ بالمذكور {مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ} أي من ذلكم المذكور، فصح أن يأتي اسم الإِشارة مفردًا مذكرًا لأنّهُ عائد إِلَى مذكور.
وقوْله تَعالَى:{مِنْ شَيْءٍ} يعني لا يمكن أن يفعل هَؤُلاء أي شيء من هَذه الأمور لا الخلق ولا الرّزق والإحياء ولا الإماتة وَهَذا عَلَى سبيل التّحدي، فإذا كانت هذه الآلهةُ الَّتِي أُشْركت بالله لا تفعل شَيْئًا من هَذَا هل يصح أن تكون آلهة؟ لا بل تَاْليهُهَا باطلٌ؛ لقوْلِه تَعالَى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ}[لقمان: ٣٠].
يبقى النّظر لو ادعى مدع أنه يحيى ويميت كالَّذي حَاجَّ إبراهيمَ فِي ربِّه، إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - قَالَ له:{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ}[البقرة: ٢٥٨]. فما هُوَ الجواب لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إن من المعبودين من يستطيع أن يحيى ويميت؟
نَقُول: هذه دعوى باطلة؛ لأَنَّ الإحياء والإماتة من الإنسان ليست إحياء وإماتة ولكنها فعل سبب.