النَّاس الآن من أسهل الأشْيَاء وأبسطها حتى كانوا يتعاطونه بالصّراحة، ويتعاطونه بالتّحيل، وتعاطيه بالتّحيل أخبث من تعاطيه بالصّراحة، مثلما أنَّ تعاطيَ الكفر بالنّفاق أخبثُ من تعاطيه بالكفر الصّريح؛ لأَنَّ هَذَا المتحيل مخادع لله عَز وَجَلَّ جَمَعَ - والعياذُ باللهِ - بَيْنَ مَفْسَدَةِ الرِّبا ومفسدة الخداع والتّحيل، فالرّب عَز وجل إِذَا حرم شَيْئًا لَيْسَ كغيره تخفى علَيْه الأشْيَاء فَهُوَ {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩)} [غافر: ١٩]، ونبيه - صلى الله عليه وسلم - وضَّح أنَّ:"الأَعْمَال بِالنياتِ"(١)، فما دُمْتَ نويتَ الرّبا الآن لكن تحايلت علَيْه بإدخال سلعة غير مقصودة هَذَا تلاعب واستهزاء بآيات الله عز وَجَلَّ يأتي إِلَيْهِ يقول أنا أريد منك مئة ألف عَلَى أن تكون بمئة وعشرين ألفًا إِلَى سنة كَيْفَ الوصول إِلَى هذا، يقول والله نحن مسلمون لا أستطيع أن أعطيك مئة ألف نقدًا وأكتبها عليك بمئة وعشرين لأننا نخشى الله ولكن نلوذ من جهة أُخْرَى ونجعل حاجزًا بيننا وبين الله بأي سلعة تتَّفق، فيذْهَبون ينظرون الَّذي عند النَّاس، فإن وجدوا سكرًا قَالُوا: نشتري سكرًا، وإن وجدوا هيلًا قَالُوا: نشتري هيلًا، وإن وجدوا سيارات اشتروا سيارات، حتى لو وجدوا أكياسًا لا يدرون مَا فِيهَا لعله أنْ يكُونَ رملًا قَالُوا نشتري هذه الأكياس، وهَذا هُوَ الواقع؛ وَلهذا لا ينظرون إِلَى هذه الأكياس ولا يدرون مَا فيها، وأكثر مَا يَكُون فِي القبض أنَّه يمرر يده عَلَيْهَا أو يعدها، ويقولون إن هَذَا هُوَ القبض، وليس هَذَا هُوَ القبض لغةً أو عرفًا أو شرعًا، ولا يعد هَذَا قبضًا؛ لأَنَّ القبض معناه أنْ يكُونَ الشّيء فِي قبضتك وَهَذا الشّيء مركون فِي مكانه ترد علَيْه عدة مبايعات فِي خلال ساعة أو ساعتين، وهذه البَلِيَّةُ الَّتِي ابْتُليَ بِهَا
(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١)، ومسلم: كتاب الإمارة، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنية"، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، رقم (١٩٠٧).