الفائِدَةُ الثَّانيَةُ: إثْبَات العلل والأسباب وأن أفعال الله عَزَّ وَجَلَّ مُعَلَّلَةٌ لا بُدَّ لها من علة تؤخذ مِنْ قوْلِه تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ} ولا شك أن أفعال الله تَعالَى وأحكامه مُعَلَّلَةٌ لأَنَّ من أسمائه الحكيم.
الفائدتان الثّالثَة والرّابعة: أن النَّاس لا يعاقبون إِلَّا بأسبابهم لقوْلِه تَعالَى: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} فيتفرع عن ذَلِك أن من أراد أن ترفع عنه العقوبة فَلْيَتُبْ إِلَى الله؛ فإن التّوبة من أسباب رفع العقوبة وجلب المثوبة وَلِهَذَا قَالَ هود لقوْلِه تَعالَى:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا}[هود: ٣]{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}[هود: ٥٢]، وقال نوح لقومه: {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: ١١، ١٢].
الفائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الجزاء من جنس العمل وبقدر العمل؛ لقوْلِه تَعالَى:{لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا}.
الفائِدَةُ السّادِسَةُ: بطلان مذهب الجبرية، فالجبرية يقُولونَ إن الإنسان مجُبَر عَلَى عمله لا يفعل باختياره ولا يُضاف الفعل إِلَيْهِ إِلَّا عَلَى سبيل المجاز، فيُقَال صام، زكَّى مجازا لا حقيقة، الآية الكريمة تَرُدُّ عَلَيْهِم من وجهين: