قوْله تَعالَى:{فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ}: {كَيْفَ} محلها النّصب خبرًا لـ {كَانَ} مقدمًا، و {عَاقِبَةُ} اسم {كَانَ} والجملة مُعَلِّقَة عن العمل مُعَلِّقة لكلمة (انظروا) الجملة المعَلِّقة فِي تأويل الاسم المفرد والتّقدير فانظروا حالهم كَيْفَ كان.
وقوْله تَعالَى:{عَاقِبَةُ} هُنَا مصدر وَلِهَذا ذُكِّرَ الفعل أي بمعنى عقبى.
قوْله تَعالَى:{مِنْ} حرف جر {قَبْلُ} مبنية عَلَى الضّم لقطعها عن الإضافة حُذِف المضاف ونوي معناه فتبنى عَلَى الضّم لأنهم يقُولونَ فِي (قبل) و (بعدُ) إن وجد المضاف لفظا فهي معربة غير منونة، وإن حذف لفظًا ومعنى فهي معربة منونة، هذان حالان متقابلان إِذَا وجد المضاف إِلَيْهِ فهي معربة غير منونة، تقول أتيت من قَبْلِ زيد ومن بَعْدِه، وَإِذَا حُذِفَ الضاف لفظًا ومعنى فهي معربة منونة، وَإِذَا حُذِفَ المضافُ إِلَيْهِ ونوي لفظه فهي معربة غير منونة كما لو وجد لفظه، وَإِذَا حذف المضاف إِلَيْهِ ونوي معناه فهي مبنية عَلَى الضّم ولها أربع حالات.
قوْله تَعالَى:{كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} كأن الإنسان يتوقع {فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ} أهلكوا وأتلفوا وما أشبه ذَلِك ولكن البيان جاء عَلَى غير المتوقع ماذا تتوقع أنْتَ لما قالَ الله تَعالَى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[فاطر: ٤٤]؟ تتوقع أهلكناهم ودمرناهم وما أشبه ذَلِك؛ لأَنَّ هَذِهِ عاقبتهم لكن جاء الأمر عَلَى خلاف المتوقع {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} جاء مبيِّنًا لسبب هَذِهِ العاقبة لأنَّهَا هِيَ الحال الَّتِي عَلَيْهَا هَؤُلاءِ المكذبون وَهُوَ الشّرك يعني فأنتم الآن مشركون وهم كانوا مُشْرِكِينَ فدمروا، فمعنى ذَلِك أن عاقبتكم أنتم ستكون مثلهم مآلها التّدمير والهلاك، وَهَذا من بلاغة القرآن أن الله تَعالَى ذكر سبب هلاك أولئك القوم.