للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الَّذي كَانَ علَيْه الآن هَؤُلاءِ المخاطبون، هَؤُلاءِ المخاطبون الآن مشركون كانوا عَلَى الشّرك إِذَنْ إِلَى الآن مَا وجدوا العاقبة، لكن إِذَا علموا أن سبب عاقبة هَؤُلاءِ هُوَ الشّرك فلا شك إِذَا كَانَ لَهُم عقول أن ينتهوا عن الشّرك.

قوْله تَعالَى: {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} يقول المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [فَأُهْلِكُوا بِإشْرَاكِهِمْ، ومَسَاكِنُهُمْ وَمَنَازِلهمْ خَاوَيةٌ].

قوْله تَعالَى: {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} ظاهر الآيَة الكريمة أن البعض الآخر وَهُوَ الأقل لم يكن مشركا، وهاهنا إشكال هل أُهلك الموحدون مَعَ المُشْرِكِينَ مَعَ أن الله تَعالَى ذكر فِي آيات كثيرة فِي الأمم السّابقة، قَالَ تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الأعراف: ٦٤] وقال تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} [الزمر: ٦١]، فظاهره أن المؤْمِنينَ لم يهلَكوا أو نقول: {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} باعتبار القادة والرّؤساء الَّذِين يعرفون أنهم عَلَى شرك، أمَّا العامة الَّذِين لا يدرون فهم تابعون وراضون وإن لم يكن عِنْدَهُم شرك لكن هم يظنون أن هَذَا هُوَ الحق، فأي الاحتمالين أولى، أو احتمال ثالِث أن يُقَال إن الله تَعالَى أمرنا أن ننظر كَيْفَ كانت عاقبة السّابقين، وَإِذَا نظرنا وجدنا أن أكثرهم مشرك فأُهلك، وأن المُؤْمِن نجا فيكون فِي هَذَا تحذيرٌ من الشّرك وترغيب فِي الإيمان والتّوحيد فها هُنَا ثلاثة احتمالات:

الاحْتِمال الأول: أن الجميع أُهلك، وَهَذا يشكل علَيْه آيات كثيرة بأن الله تَعالَى أنجى المُؤْمِنِينَ.

الاحْتِمال الثّاني: أن المُرَادُ بقوْله تَعالَى: {كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} الَّذِين يعرفون أنهم عَلَى شرك دون الغوغاء والعامة الَّذِين لا يدرون مَا هم علَيْه وَإنَّمَا هم أتباع كل ناعق.

<<  <   >  >>