لما كانت السّفن شراعية كانت الرّياح فِي مقام النّعمة وَلِهَذا جمعت.
قوْله تَعالَى:{مُبَشِّرَاتٍ} مبشرات حال من الرّياح أي تبشر بالخير وَلِهَذا بعض الرّياح إِذَا هبت استبشر النَّاس لأَنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى أجرى العادة أن هَذِهِ الرّيح المعينة يتكون منْهَا السّحاب ثمَّ المطر، وأحيانا يستبشرون بالرّيح إِذَا رأوها تجمع السّحاب، تجمعه وتكثفه، استبشروا بها.
وقوْله تَعالَى:{مُبَشِّرَاتٍ} البشارة هِيَ الإخبار بما يسر غالبًا، وسميت بشارة لأنَّهَا تؤثر عَلَى البشرة، فالإنسان إِذَا استبشر ينيرُ وجهُه ويُسْفرُ وتجدُ علَيْه علامة البشرى، وقد تطلق البشارة بما يسوء كقوْله تَعالَى:{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[آل عمران: ٢١].
قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{مُبَشِّرَاتٍ} معنى لِتبشِّرَكُمْ بِالمَطَرِ].
فسر المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ اسم الفاعل بالفعل المعلل، وقَالَ:[بمعنى لِتبشِّرَكُمْ] لأجل أن يسهل العطف فِي قوْله تَعالَى: {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ} لأَنَّ {مُبَشِّرَاتٍ}{وَلِيُذِيقَكُمْ} يجد الإنسان بَيْنَهُما فجوة، هَذِهِ الفجوة أراد المُفَسِّر أن يقربها بقوله:[بمعنى ليُبَشّرَكُمْ بها]، ولكن الصّحيح عندي أن المبشرات عَلَى حالها تعتبر اسمًا ولكننا نقدر فعلًا يناسب مَا بعده لأجل أن يصح عطف الفعل علَيْه، والَّذي أرى أن يقدر: [{مُبَشِّرَاتٍ} لتستبشروا بِهَا {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ}، أو نجعل لتبشركم كما قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ لا نجعلها بمعنى مبشرات بل نجعلها فعلًا مستقلًّا قدرناه ليصح العطف فِي قوْله تَعالَى:{وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ}.
قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{وَلِيُذِيقَكُمْ} بِهَا {مِنْ رَحْمَتِهِ} المَطَر والخِصْب].