وينبغي أن نأخذَ الآنَ في تفصيل أمرِ المزية، وبيانِ الجهات التي منها تَعْرِض؛ وإنَّه لَمَرامٌ صعْبٌ ومطْلَبٌ عسير؛ ولولا أَنه على ذلك، لما وجَدْت الناسَ بين مُنْكِرٍ له من أَصْله، ومُتخيِّلٍ له على غيرِ وَجْههِ، ومعتقِدٍ أَنه بابٌ لا تَقْوى عليه دَونَه مغْلقٌ، وأنَّ معانيَك فيه، مَعانٍ تَأبى أن تَبْرُز مِن الضمير، وأنْ تَدِينَ للتبيينِ والتصوير، وأن تُرى سافرةً لا نِقابَ عليها، وناديةً لا حِجابَ دونها، وأن ليس للواصِفِ لها، إلاَّ أن يُلَوِّح ويُشيرَ، أَوْ يَضربَ مثَلاً يُنْبئُ عن حُسْنٍ قد عرَفَه على الجملة، وفضيلةٍ قد أَحسَّها من غير أن يُتْبعَ ذلك بياناً، ويُقيمَ عليه برهاناً، ويَذكُرَ له علةً، ويُورِدَ فيه حَجَّة، وأنا أُنْزِلُ لك القولَ في ذلك وأُدرِّجه شيئاً فشيئاً، واستعينُ بالله تعالى عليه، وأَسألُه التوفيقَ.