ولا يجوزُ أَن يكون هَذا الوصفُ في تركيب الحَركاتِ والسَّكَناتِ. حتى كأَنهم تُحُدُّوا إلى أن يأتوا بكلاَمٍ تَكونُ كلماتُه على توَاليها في زِنَةِ كلماتِ القرآنِ، وحتى كأنَّ الذي بانَ به القرآنُ مِن الوَصْف، في سبيلِ بَيْنُونَة بِحُور الشِّعْر بعضِها مِنْ بَعضٍ، لأنه يَخْرجُ إلى ما تعاطاهُ مُسَيْلمة من الحمامة في:(إنا أعطيناكَ الجماهر، فَصَل لِربِّك وجاهِرْ، - والطاحنات طحناً ... ).
وكذلك الحكْمُ إنْ زَعم زِاعمٌ أنَّ الوصْفَ الذي تُحُدُّوا إليه، هو أَن يَأْتوا بكلامٍ يَجعلونَ له مَقاطعَ وفواصلَ، كالذي تَراهُ في القرآن. لأنه أيضاً ليس بأكثرَ مِن التعويل على مراعاة وزْنٍ، وإنَّما الفواصلُ في الآي كالقوافي في الشِّعر. وقد عَلِمْنا اقتدارَهم على القوافي كيف هو. فلَوْ لم يكنِ التحدِّي إلا إلى فُصولٍ من الكلامِ يكونُ لها أواخرُ أشباهِ القوافي، لم يُعْوِزْهُم ذلك ولم يتعذَّرْ عليهم. وقد خُيِّل إلى بَعْضهم - إنْ كانت الحكايةُ صحيحةً - شيءٌ من هذا؛ حتى وَضعَ - على ما زَعموا - فصولَ الكلام: أواخرُها كأواخرِ الآي مثْلَ "يعلمون" و "يؤمنون" وأشباهِ ذلك. ولا يَجوزُ أَن يكونَ الإعجاز بأن لم يُلْتَقَ في حُروفه ما يَثْقُلُ على اللسانِ.