في تحقيق القول على البلاغة والفصاحة، والبيان والبراعة، وكلِّ ما شاكلَ ذلك، مما يُعبَّر به عن فضل بعض القائلين على بعض، من حيث نَطقوا وتكلموا، وأَخبروا السامعين عن الأغراض والمقاصد، وراموا أن يُعْلِمُوهم ما في نفوسهم، ويَكشفوا لهم عن ضمائر قلوبهم ومن المعلوم أن لا معنى لهذه العبارات وسائر ما يَجْري مجراها مما يُفرد فيه اللفظُ بالنعت والصفة، وينسبُ فيه الفضلُ والمزيةُ إليه دونَ المعنى: غيرُ وصْفِ الكلام بِحُسْنِ الدلالة، وتمامِها فيما له كانت دلالة، ثم تَبرُّجهِا في صورةٍ هي أبهى وأزْيَنُ، وآنَقُ وأَعْجَبُ، وأَحقُّ بأن تستوليَ على هوى النفس، وتنالَ الحظَّ الأوفرَ من مَيْل القلوب، وأولى بأن تُطْلِقَ لسانَ الحامد، وتُطِيلَ رغْمَ الحاسد. ولا جهة لاستعمال هذه الخصال: غيرُ أنْ يُؤتى المعنى من الجهة التي هي أَصحُّ لتأديته، ويُخْتارَ له اللفظُ الذي هو أَخصُّ به، وأَكْشَفُ عنه وأَتمُّ له، وأحرى بأن يَكسبه نُبلاً، ويُظهِرَ فيه مزية.