ومما يُعلَمُ به ضرورةً، أنه لا تكونُ البدايةُ بالفعل كالبداية بِالاسم، أَنك تقول:(أقلتَ شعراً قط؟ أرأيتَ اليومَ إنساناً؟) فيكونُ كلاماً مستقيماً. ولَو قلتَ:(أأَنْتَ شعراً قط؟ أأنت رأيتَ إنساناً) أخطأتَ. وذاك أَنه لا مَعْنى للسؤال عن الفاعلِ مَنْ هو، في مثل هذا؛ لأنَّ ذلك إنما يُتَصوَّر إذا كانت الإشارةُ إلى فعلٍ مخصوصٍ. نَحْوَ أَنْ تقول:(مَنْ قال هذا الشعرَ؟ ومَنْ بَنى هذه الدارَ؟ ومَنْ أتاك اليومَ؟ ومن أَذِنَ لك في الذي فعلتَ؟)، وما أشبه ذلك مما يُمكنُ أن يُنَصَّ فيه على مُعَيَّنٍ. فأمَّا قيلُ شعرٍ على الجملة، ورؤيةُ إنسانٍ على الإطلاق، فمُحَالٌ ذلك فيه. لأَنه ليس مما يُخْتصُّ بهذا دون ذاكَ حتى يُسْأَلَ عن عين فاعلهِ. ولو كان تقديمُ الاسم لا يُوجب ما ذكَرْنا، من أنْ يكونَ السؤالُ عن الفاعل مَنْ هو، وكان يَصِحُّ أن يكون سؤالاً عن الفعل: أكانَ أمْ لم يكُنْ، لكانَ ينبغي أَنْ يَستقيمَ ذلك.