يقول: إنَّ مجيئَه هكذا مُدِلاً بنَفْسِه وبشجاعَتِهِ، قد وضعَ رمْحَه عرضاً، دليلٌ على إعجابٍ شديدٍ، وعلى اعتقاد منه أنَّه لا يقومُ له أحدٌ، حتى كأنْ ليس مع أحدٍ منَّا رمحٌ يدفَعَهُ به، وكأنَّا كلَّنا عُزْلٌ. وإذا كان كذلك وَجَبَ إذا قيل إنها جوابُ سائلٍ، أنْ يُشْتَرَطَ فيه أنْ يكونَ للسائل ظنٌّ في المسؤولِ عنه، على خلاف ما أنتَ تُجيبُهُ به. فأمَّا أَنْ يُجْعل مجرَّدُ الجوابِ أصْلاً فيه فلا، لأنه يؤدي أن لا يَسْتقيم لنا إذا قال الرجل:(كيف زيد؟) أنْ تقولَ: (صالح). وإذا قال:(أين هو؟ أن تقول: في الدار). وأنْ لا يصحَّ حتى تقولَ: إنه صالحٌ وإنه في الدار. وذلك ما لا يقولُه أحَد. وأمَّا جعْلُها إذا جُمِعَ بينها وبين (اللام) نحو: (إنَّ عبدَ الله لقائم): الكلام مع المنكَّر، فجيِّدٌ، لأنه إذا كان الكلام مع المُنَكَّر، كانت الحاجةُ إلى التأكيد أشدَّ. وذلك أنَّك أحوجُ ما تكون إلى الزيادة في تثبيت خَبَرِك إذا كان هناك مَنْ يَدْفعُه ويُنْكِر صحَّتَه. إلاَّ أنه يَنبغي أن يُعْلَم أنه، كما يكونُ للإنكارِ قد كان مِن السامعِ، فإنه يكونُ للإنكارِ يُعلمُ أو يُرَى أنه يَكونُ مِن السامعين.
وجملةُ الأمر أنك لا تقول:(إنه لكذلك)، حتى تُريدَ أن تَضَعَ كلامَكَ وضْعَ مَنْ يزَعُ فيه عن الإنكار.