فإنْ قيل: قولُكَ (إلاَّ النظم)، يقتضي إخراجَ ما في القرآن مِن الاستعارةِ وضروبِ المجازِ من جملة ما هو به مُعْجِزٌ، وذلك ما لا مَساغَ له: قيلَ: ليس الأمرُ كما ظننْتَ، بل ذلك يقتضي دُخولَ الاستعارةِ ونَظائرِها فيما هو بهِ مُعْجزٌ؛ وذلك لأنَّ هذه المعانيَ التي هي الاستعارةُ، والكنايةُ، والتمثيلُ، وسائرُ ضُروبِ المجاز مِن بَعْدِها، من مُقْتَضياتِ النظْم، وعنها يَحْدُثُ وبها يكونُ، لأنه لا يُتصوَّر أن يَدخُلَ شيء منها في الكَلِم، وهي أفرادٌ لم يُتَوخَّ فيما بينَها حكْمٌ من أحكام النحو. فلا يُتَصَّورُ أن يكونَ ههنا فعلٌ أو اسمٌ قد دَخلَتْهُ الاستعارةُ مِن دون أنْ يكونَ قد أُلِّفَ مع غيره. أفلا تَرى أَنه إن قدَّر في (اشتعلَ) من قوله تعالى: {واشتعل الرأس شَيْباً}[مريم: ٤]، أن لا يكون (الرأسُ) فاعلاً له، ويكونَ (شيباً) منصوباً عنه عَلَى التمييز، لم يُتصوَّرْ أن يكونَ مستعاراً وهكذا السبيلُ في نظائرِ الاستعارةِ فاعرفْ ذلك!