للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَنْ هذا الذي يَشُكُّ أنَّ معنى طولِ القامة، وكثرةِ القِرى، لا يتغيران بأن يُكنَّى عنهما (بطولِ النجاد وكثرةِ رمادِ القدْر)، وتقديرُ التغييرِ فيها يُؤدي إلى أن لا تكون الكنايةُ عنهما ولكنْ عن غيرهما. وقد ذكرتُ هذا في صدْرِ الكتاب، وذكرتُ أنَّ السببَ في أنْ كان يكونُ للإثبات، إذا كان من طريقِ الكنايةِ مزيةٌ لا تكونُ إذا كان من طريق التصريح، أنك إذا كنَّيْتَ عن كثرة القِرى بكثرة رماد القدر، كنتَ قد أثبتَّ كثرةَ القِرى بإثبات شاهدِها ودليلها، وما هو علَمٌ على وُجودِها، وذلك لا مَحالةَ يكون أبلغَ من إثباتها بنفسِها، وذلك لأن يكونُ سبيلُها حنيئذٍ سبيلَ الدعوى تكونْ مع شاهدٍ؛ وذكرتُ أنَّ السببَ في أَنْ كانت الاستعارةُ أبلغَ من الحقيقةِ، أنك إذا ادَّعيْتَ للرجُل أنه أسدٌ بالحقيقة، كان ذلك أبلغَ وأشدَّ في تسويته بالأسد في الشجاعة. ذاك لأنه مُحالٌ أن يكونَ في الأُسود، ثم لا تكون له شجاعةُ الأُسودِ. وكذلك الحكْمُ في التمثيل: فإذا قلتَ: (أراكَ تُقدَّم رجْلاً وتؤخِّر أخرى) كان أبلغَ في إثباتِ الترددِ له من أن تقول: (أنتَ كمَنْ يقدِّم رجْلاً ويؤخِّر أُخرى).

رأي في سبب بلاغة الاستعارة وردّه

<<  <   >  >>