للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان الأمرُ كذلك عند كافَّةِ العلماءِ الذينَ تكلَّموا في المزايا التي للقرآن، فينبغي أن يُنْظَر في أمْر الذي يُسَلَّمُ نفسَه إلى الغرور فَيزعُم أنَّ الوصفَ الذي كان له القرآنُ معجزاً، وهو سلامةُ حروفِه مما يَثْقُلُ على اللسان. أيصِحُّ له القولُ بذلك إلاَّ من بَعْد أنْ يدَّعي الغَلطَ على العقلاء قاطبةً فيما قالوه، والخطأ فيما أجْمعوا عليه؟ وإذا نظَرْنا وجْدَناه لا يَصِحُّ له ذلك إلاَّ بأن يَقْتَحِمَ هذه الجهالةَ، اللهُمَّ إلاَّ أنْ يَخْرُجَ إلى الضُّكْحةِ فيَزعُمَ مَثلاً أنَّ من شأن الاستعارةِ والإيجازِ، إذا دَخلا الكَلامَ، أنْ يَحْدُثَ بهما في حروفه خِفَّةٌ، ويتجَّدَ فيها سهولةٌ، ونسألُ الله تعالى العِصْمَةَ والتوفيق!.

واعلمْ أنَّا لا نأبى أن تكونَ مذاقةُ الحروفِ وسلامتُها مما يَثْقُل على اللسان، داخِلاً فيما يُوجِبُ الفضيلةَ، وأنْ تكونَ مما يُؤكِّدُ أمرَ الإعجاز، وإنما الذي تُنكِرُه ونُفَيِّلُ رأي مَنْ يَذْهَبُ إليه، أن يَجْعَلَه معجِزاً به وَحْدَه ويَجعلَه الأصْلَ والعُمْدةَ فيَخرجَ إلى ما ذكَرْنا من الشَّناعات.

<<  <   >  >>