للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطوسي، قال: سمعت أبا نصر العَطَّار، يقول: قال لي الساجي، عن الربيع ابن سليمان، قال:

سمعت الشافعي، يقول: خرجت من مكة، فلزمت هُذَيْلا في البادية، أتعلم كلامها وآخذ بِلُغَتها (١)، وكانت أفصح العرب، فأقمت معهم مدة أرجل برحيلهم، وأنزل بنزولهم، فلما أن رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار، واذكر أيام الناس، فمر بي رجل من الزُّبيريّين (٢)، فقال لي: يا أبا عبد الله، عَزَّ عليَّ أن لا تكون (٣) في العلم والفقه، هذه الفصاحة والبلاغة. قلت: من بقى ممن يُقْصَدُ؟ فقال: مالك بن أنس، سيد المسلمين. قال: فوقع ذلك في قلبي، وعمدت إلى الموُطّأ فاسْتَعْرته من رجل بمكة وحفظته، ثم دخلت على والي مكة، فأخذت كتابه إلى والي المدينة، وإلى مالك بن أنس. فقدمت المدينة، فبلغت الكتاب، فلما قرأ والي المدينة الكتابَ، قال: يا بني (٤)، إن مشي من جَوْفِ المدينة إلى جوف مكة حافياً راجلاً أهون عليَّ من المشي إلى باب مالك، فإني لست أرى الذلَّ حتى أقفَ على بابه. فقلت: إن رأى الأمير أن يوجه إليه ليحضر، فقال: هيهات، ليت أني إن ركبت أنا ومن معي وأصابنا ترابُ العقيق يَقْضِي حاجتنا. فواعدته العَصْر، وقصدنا، فتقدّم رجلٌ وقَرَعَ الباب، فخرجت إلينا جارية سوداء، فقال لها الأمير: قولي لمولاك إنَّنِي بالباب. فدخلت فأبطأت ثم خرجت، فقالت: إنّ مولاي يقول: إن كانت مسألة فارفعها إليّ في رقعة حتى يَخْرُجَ إليكَ الجوابُ، وإن كان للحديث فقد عرفت يوم المجلس (٥)


(١) في ا: «طبعها».
(٢) في ح: «الزبيريين». [أثبتت أولاً في المطبوع لفظة «الزُّهْرِيين»، ثم صححت في فهرس التصويبات ٢/ ٤٦٦ إلى: «الزبيريين» كما في ح]
(٣) في ا، ح «أن لا يكون هذا في العلم».
(٤) في ح: «يا فتى».
(٥) في ا: «الخميس».